للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملائكةُ الرحمنِ أمستْ وأصبحتْ ... تطُوف ذُراها كالطيورِ الحوائمِ

وليس يُسامِي النجمُ سُدَّةَ بابِه ... فمن يعْتلي سقفَ السَّما بالسَّلالمِ

فمن يكُ يأوِيها فقد صار لائِذاً ... إلى مَعْقِلٍ للمستجيرِين عاصمِ

ولن تبلُغَ الأملاكُ في القُرْبِ شَأْوه ... وكيف الخوافِي تسْتَوِي بالقوادمِ

وفي ليلةِ الإسراءِ صار مُشرِّفاً ... بأخْمَصِه فوق السُّها والنَّعائمِ

وبعثتُه أضحتْ لكلِّ مُلِمَّةٍ ... كأيام ذي قارٍ لجار الأراقِمِ

ولولاه لم يُوجَد من الخلقِ واحدٌ ... هو السببُ الأقْصَى لخلقِ العوالمِ

بمِيلادِه غارتْ بُحَيرة سَاوةٍ ... وغِيضَت أوَاذِي سَيْحِها المتراكمِ

غَدا حِصْنُ من لم يتَّبِعْ لك دَارِساً ... ولم يتَّفق بَانٍ له غيرُ هادمِ

مَشاربُهم سَمٌّ ذُعافٌ ومالَهم ... مطاعمُ أشْهَى غير عَضِّ الأباهمِ

ألا يا رسولَ اللهِ جُدْ بشفاعةٍ ... عسى اللهُ أن يَمْتاح عفوَ جرائِمي

شفَيْتَ نفوساً حيث داويْتَ سُقْمها ... وسلَّلتَ منها مُرْدِيات السَّخائمِ

وسَيْبُك يا ذا الجودِ غيرُ مُمنَّعٍ ... لمُسْترفِدِ الجَدْوَى ببابِك قادِمِ

تركتَ ذوِي اللسَن المصاقعَ مُفْحِماً ... وإنَّك قد انْطقْتَ عُجْمَ البهائمِ

وكم مُفْلِقٍ أعجزتَه مُتحدِّياً ... بمُعجِز قرآنٍ إلى الحشر قائمِ

وهبْتَ جَرِيداً في الوغَى لعُكاشةٍ ... تحوَّل نَصْلاً من مَواضِي الصَّوارمِ

ووجهُ ابن مِلْحان غدَا إذْ مَسَحْتَه ... مُضيئاً كبَرْقٍ في خلال غمائمِ

وشَاءٌ لعبد القيْس في أُذْن سَخْلِها ... إلى اليوم قد أبْقيتَ بادي المياسِمِ

لعمري قد أصبحتُ مُغْرىً ببابِكَ الرَّ ... فيع مُعَنّىً مُذْ أُمِيطتْ عمائِمي

عليك سلامُ اللهِ ما سطع الضُّحَى ... وأوْمَض برقٌ في خلال غمائمِ

كذلك للصحب الكرام وآله ... ذوي عِزَّة قَعْساءَ جَمِّ المكارمِ

لهم في النَّوادِي فضلُ حِلْمٍ ومُكْنَةٍ ... وفي حَوْمةِ الهيْجاء عَدْوُ الضَّراغمِ

نجومُ هُدىً من يقْتديهم يفُزْ بما ... يرومُ اهْتداءً في ليالٍ فواحِمِ

وأنشدني من لفظه هذه القصيدة، مدح بها مفتي السلطنة:

أحْيَى رُبوعَ الأجْرَعَيْنِ لِزامَا ... مُزْنٌ سَقاها وابلاً ورِهامَا

ومتى يُرى البرقُ اللَّمُوعُ بذي الغَضا ... طار الفؤادُ لها شجىً وغَرامَا

وثَوى الربيعُ على ذُراها مُلْقِياً ... برَحِيب ساحتِها العصا فأقامَا

والريحُ إذْ هبَّتْ برَيَّا تُرْبِها ... أذْكَتْ من الوجدِ الصريحِ ضِرامَا

زَرَّتْ هَتُون السحبِ في حافاتِها الْ ... أزْرارَ ناشرةً بها أعْلامَا

لو ضَلَّه السَّارِي هدَاه نَحْوَ سا ... حتِها شَذَا أنْفاسِ نَشْرِ خُزَامَى

عهْدي بأيامٍ مَضَيْنَ برَبْعِها ... يا رِيحُ عنِّي بلِّغِيه سلامَا

أوقاتُ أُنْسٍ مثل إبْهام القَطا ... قد صِرْنَ من قِصَرِ المدى أحْلامَا

وبِمُنْحنَى وادِي الأراكِ حبيبةٌ ... قلبي بشَجْوِ غرامها قد هامَا

وبسُرَّةِ البَطْحاء مُرْتَبَعٌ غدا ... أضْنَى فؤادي صَبْوةً وهُيامَا

وبما ارْتدتْ بِرداءِ جَوْنِ سُفُورِها ... صارتْ على بشر المَوامِي شَامَا

شَغَفِي وتَهْيامِي تجدَّد كلّما ... شدُّوا على العِيسِ الأَمُونِ حِزَامَا

للنَّاسِ صيَّرها الإلهُ مَثابةً ... إذ حيثُ عَيَّن قبلةً إعْظامَا

<<  <  ج: ص:  >  >>