هو تورد في خد الدهر، وبشرٌ في وجه الزهر.
له عيون آثار أزهى من الخدود إذا اعتراها الخجل، ومحاسن أشعار تستوقف صاحب المهم وهو في غاية العجل.
وهناك اللطائف مأمونةً من النظائر والأشباه، لا يعارض في قيامها بجوامعها النظر والاشتباه.
إلى ألفاظٍ كأنها لآلىء في درج، أو كواكب في برج.
ومعانٍ كأنها راحٌ في زجاج، أو روح في جسم معتدل له المزاج.
فمن بدائعها التي تزرى بالعذارى تبرجت في الحلي والحلل، إذا لاحت من وراء سجفها تغبطها على الحسن أقمار الكلل.
قوله من قصيدة يمدح بها أخاه الحسن:
أكذا المُشتاقُ يُؤرِّقُهُ ... تغريدُ الوُرْقِ ويُقلقُهُ
وإذا ما لاحَ على إضَمٍ ... بَرْقٌ أشْجاه تألُّقُهُ
يُخْفِي الأشواقَ فيُظهرِها ... دمعٌ في الخدِّ يُرقْرِقُهُ
آهٍ يا برقُ أما خَبَرٌ ... عن أهلِ الغَوْرِ تُحقِّقُهُ
فيُزيلُ جوىً لأسيرِ هوىً ... مُضْنىً قد طال تشوُّقُهُ
رِيمُ الهيجاءِ ورَبْرَبُها ... خمريُّ الثَّغرِ مُعتَّقُهُ
ممشُوقُ القَدِّ له كَفَلٌ ... يتشكَّى العِطْفَ مُمَنْطقُهُ
مُغْرىً بالعَذْلِ لعاشقهِ ... وبدِرْعِ الصبرِ يمزِّقُهُ
يا ريمَ السَّفْحِ على مَ تُرَى ... تُرْضِي الواشِي وتُصدِّقُهُ
رِفْقاً بالصبِّ فإنَّ له ... قلباً بهوَاك تعلُّقُهُ
فعسى بالوصلِ تجودُ ولو ... في الليلِ خيالُك يطرُقُهُ
أو ما تَرْثي لِشَجٍ قد زا ... دَ بطولِ الهجرِ تحرُّقُهُ
وأراد الصدّ سيُخرجُه ... من أسْرِ الحبِّ ويُطْلِقُهُ
فله نفسٌ تأْبَى كرَماً ... يأْتيهِ النَّقْصُ ويلحقُهُ
ولِذاك سلَتْ بِتذكُّرِها ... لأخٍ بالمجدِ تخلُّقُهُ
شرَفُ الإسلامِ وبَهْجتُهُ ... وخِتامُ الجُودِ ومُغْدِقُهُ
وعِمادُ المُلكِ ومَفْخَرُه ... وسَنامُ الدِّين ومَفْرِقُهُ
من دون عُلاه لرائدِه ... بُرْدُ الجَوْزاء ومَشْرِقُهُ
حِلْمٌ كالطَّوْد لنائلِه ... جُود كالبحرِ تدفُّقُهُ
اسمعْ مولايَ نظامَ أخٍ ... قد زاد بمدْحِك رَوْنَقُهُ
وُدُّك قد صار يكلِّفُه ... بِمقالِ الشعرِ ويُنْطِقُهُ
فاحفظْ وُدِّي لا تُصْغ لما ... يُمْلِي الواشِي ويُنمِّقُهُ
وقوله، من قصيدة أولها:
جَدَّ بي الشوقُ إلى الظَّبْيِ اللَّعُوبِ ... فتصابيْتُ به وقتَ المَشِيبِ
رَشَأٌ مُدْمِنٌ هجرِي لم يزلْ ... قلبيَ المُشتاقُ منه في وُجوبِ
يا أخِلاَّيَ بهاتِيكَ الرُّبَى ... وأُصَيْحابي بذَيَّاكَ الكَثيبِ
مُذ نأيْتُم قد جَفَا جَفْنِي الكرَى ... وفؤادي والتَّسَلِّي في حروبِ
خاننِي صبرِي وأوْهَى جَلَدِي ... حبُّ ذاتِ الدَّلِّ والثغرِ الشَّنِيبِ
آهِ كم أكتُم في القلب الجوَى ... وإلى مَ الصبرُ عن لُقْيَا الحبيبِ
ترجُ لي يا عاذِلي كَتْمَ الهوَى ... إنَّ كتْمانَ الهوى داءُ القلوبِ
فاطَّرِحْ لَوْمِي فإنِّي مُغرَمٌ ... وأشِع ما شئتَ عنِّي يا رقيبي
أنا من قومٍ إذا ما غضِبُوا ... أطعموا الأرْماحَ حَبَّاتِ القلوبِ
وهمُ في السّلْمِ كالماء صَفَا ... لصديقٍ وحميمٍ وقريبِ
فهمُ فخْرِي وفيهم قُدوتي ... وبهم نلْتُ من العَلْيا نصِيبي
وبفضلِ اللهِ ربِّي لم أزلْ ... في مَراقِي العِزِّ والعيشِ الرَّطِيبِ
ليس لي إلاَّ المَعالِي أرَبٌ ... فعلى كاهِلها صار رُكوبي
إن دعا داعٍ إلى غيرِ العُلَى ... لا ترانِي لدُعاه من مُجيبِ
وله مضمناً بيت ابن لؤلؤ الذهبي: