ناديتُ يوماً طَرْفَه ... اللهض في أمرٍ العَجِلْ
فأجابني بجفُونِه ... السيفُ قد سَبق العَذَلْ
وَاهاً له من مُدْرِكٍ ... فعَل الجِنايةَ واسْتدَلّ
يا أثْلَ عِيسِ المُنْحنَى ... حَيَّتْك سُحْبُك بالبَلَلْ
لم أنْسَ طِيبَك لا نَسِي ... تُ وطِيب أوْقاتي الأُوَلْ
قد كنتَ جامِعَ لَذَّتِي ... بك كم حصُلْتُ على أمضلْ
هل تعْطِفَنَّ برَجْعةٍ ... لي لستُ أرْضَى بالبَدَلْ
أشكُو عليك من المُهَفْ ... هفِ سالبِ الظَّبْيِ الكَحَلْ
يا مَا جرَى من بَعْدِ بُعْدِ ... كَ في العَمِيد وما حصَلْ
فعَل العَزِيزُ بعبْدِه ... فِعْلاً يرِقُّ له الجبَلْ
ما زلْتُ من أفْعالِه ... بين التَّدَلُّه والوَجَلْ
قضَّيْتُ دهرِي في هَوا ... هـ مُوَلَّهاً بعسَى وعَلّ
فاسْمَعْ لِما قال العَمِي ... دُ ولا تمَلَّ لِما أُملّ
قد كنتُ كيتَ وذَيْتَ يا ... دهرِي القديمَ فلا تسَلْ
فلقد قنِعْتُ إليك من ... شَكْوايَ منه بالْجُمَلْ
واللهُ لي نِعْمَ الوَكي ... لُ فقد عجزْتُ عن الحِيَلْ
وقوله:
سقَى الأثْلَ كلُّ سَحابٍ مُطِلَّهْ ... عليه ولا برِحتْ مُستهِلْه
رعَى اللهُ أيامَه السَّالفاتِ ... وحَيَّى مَحلَّتَه من محلَّهْ
ولَيْلاتِ أفْراحِنا المُشْرِفا ... ت بأغْصانِ بَاناتِنا والأهِلَّهْ
وكلّ فتاةٍ كأنَّ الهوى ... يُريد بها فتْنةَ الخَلْقِ جُمْلَهْ
إذا عاقلٌ سامَها نَظْرةً ... على غِرَّةٍ أخذَتْ منه عَقْلَهْ
وبي من كتمْتُ اسمَها غَيْرةً ... ومَن حُبُّها لفؤادي جِبِلَّهْ
أُحاكِي في حُبِّها عَنْتَراً ... وتحْكِي وأستغفرُ الله عَبْلَهْ
أُغالِط مِن أجلها عاذِلي ... وأشْتاق في باطنِ الأمر عَذْلَهْ
وأكْنِي عن ثَغْرِها بالبُروقِ ... وبالرِّيم عن مُقْلتيْها تَعِلَّهْ
رَبيبَةُ مُلْكٍ إذا ما انْثنتْ ... لإيقاعِ أقْراطِها والأثَّلهْ
تحيِّر قَدّ قضِيب النَّقَا ... وتُظهِر في صَفْحةِ البدرِ خَجْلهْ
وكم جاهلٍ قال لي قد سلَوْتَ ... هَواها فقُلتُ له حاشَ لِلّهْ
يُؤنِّب والعُذْر من وَجهِها ... يُحرِّر لي نَيِّراتِ الأهِلَّهْ
فيا لِيَ من عاذلٍ مُكثِرٍ ... ويا لِيَ من عَقْلِه ما أقَلَّهْ
ومنزلها خَلَدِي والشِّغا ... فُ تحمَّلها حَلَّة ثم حَلَّهْ
وإنَّ نَسِيبي لها وحدَها ... إذا نسَب الناسُ عُلْويَ ورَمْلَهْ
وكتب إلى محمد بن إبراهيم بن يحيى الشرفي، من كوكبان، هذه الأبيات اعتمد فيها الجناس التام:
أخْبارُ أيَّامِنا العَوالِي ... صِحاحُها نُجُلُ العَوالِي
أيَّام سَلْعٍ وأين سَلْعٌ ... مَرَّتْ على أنها حَوالِي
دهرٌ حَبانِي بكلِّ سُؤْلٍ ... وكان طَوْعِي وما حَوَى لِي
وساحرُ الطَّرْفِ ضَنَّ عنِّي ... بالطَّيْف في عالَم الخَيالِ
بنَى على الشَّكِّ في المعاني ... واستقْبل الجامعَ الخَيالِي
هذا الجامع من محسنات علم المعاني، ومن مفتاح السكاكي في بحثه لطائف.
قال: ذكر أن السيد العلامة صلاح الدين بن عبد الله المعروف بالحاضري، مضى إلى جامع صنعاء، فلقي بعض الطلبة خارجاً من الجامع، فسأله عن دخوله الجامع؟ فقال: للإعادة في التلخيص، فبدهه بعبارة القزويني: ولصاحب علم المعاني فضل احتياجٍ إلى معرفة الجامع.
فليعجب من هذا الاتفاق، والبلاغة التي سلمت له بالوفاق.
ما قَطُّ يلْوِي على شُجونِي ... من بين َحْبي ولا خَيالِي