للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أظهَر هجري بغير جُرْمٍ ... ولستُ أدري بما جَنَى لِي

أرْخَص سِعر الدموعِ عجباً ... وهْي على غيرِه غَوالِي

وضاع شِعْرُ العُبَيد لمَّا ... ضَاع شذَاه على الغَوالِي

ضاع الشيء: فات، وضاع الطيب: ظهر.

والشذا: الذكا.

والغوالي: جمع غالية، نوع من الطيب.

قال العسكري في الأوائل: أول من سمى الغالية غاليةً معاوية، شمها من عبد الله بن جعفر، فسأله عنها، فوصفها، فقال: إنها غالية.

ويقال إن شمها من مالك بن مالك.

وأنكر الجاحظ هذا، وقال: نحن نجد في أشعار العرب ذكر الغالية، وأنشد:

أطْيَبُ الطِّيب طيب أم بان ... فَأرُ مِسْكٍ بعنْبرٍ مَسْحوقُ

خلَطْته بزَنْبَقٍ وببَانٍ ... فهْو أحْوَى على اليديْن شرِيقُ

ونسبهما إلى عدي بن زيد.

ومعجونات العطر كلها عربية، مثل الغالية، والشاهرية، والخلوق، واللخلخة، والقطر، وهو العود المطرى، والذريرة. انتهى.

وقد نقل أن الغالية وقع ذكرها في الحديث.

وعن عائشة: كنت أغلل لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أرَجَف عني الوُشاةُ أنِّي ... في ثغْر سُلطانِه جَلالِي

هيْهات أرْضَى بمِثلِ هذا ... أعاذَني اللهُ ذو الجلالِ

قال: الشيء بالشي يذكر، ذكرت بالبيت الأول قول السيد العلامة الحسن بن أحمد الجلال، في الخال:

ونازلٍ أظْلَم منه أسْوَد ... في مَنْزِل لم يكُ مُستَوْطِنَهْ

مُذْ لاح للنَّاظر سُلطانُه ... عاد الجلالِيُّ إلى السَّلْطنَهْ

قلتُ له مَرَّةً لماذا ... عاقْبتني جُرْأةً ولاَلِي

وأنْت أعْتقْتني قديماً ... فقال أقْرَرْتَ والولاَ لِي

إن كان في الناسِ من مُجيرٍ ... للصبِّ في دولةِ الجمالِ

وقعتُ حالِي وما أُلاقِي ... فوراً إلى مَسْمَع الحجالِ

عنَيْت قاضِي الأنام طُرّاً ... مَن امْتطَى غارِبَ الكمالِ

تأخَّر السابقون عنه ... وبيَّن النَّقْصَ في الكمالِ

هذا الكمال، عنى به محمد بن علي، المعروف بالزملكاني الدمشقي، وقد عقد ابن نباتة له ترجمة في سجع المطوق وأنشد:

ما كان أحْوَجَ ذا الكمالَ إلى ... عَيْبٍ يُوقِّيه من العيْنِ

إليك أرسلتُها تَهادَى ... كاملةَ الشَّكلِ والخَيالِ

تنشُر طَيِّب الثناءِ نَشْراً ... عليك يا صادقَ الخيالِ

فاقْبَلْ من المدحِ نَزْرَ قولٍ ... واستُرْ إذا ما رأيتَ قالِي

أنت من الناسِ خيرُ خِلٍ ... غيرُ مَمْلولٍ وغيرُ قالِي

فيا لَها فُرْجة أزالتْ ... عنِّي هُمومي وطاب بَالِي

فاستعبدِ الدهرَ في سرورٍ ... والْبَسْه حتى يعودَ بَالِي

فأجابه عنها بقوله:

طالِعُ سَعْدٍ قضَى وفالِي ... أنَّ حبيباً حقّاً وفَى لِي

وبُلْبُل الأيْك راح يشْدُو ... براحتِي وانْشِرَاحِ حالِي

رافع صوتٍ بخفْضِ عيشٍ ... جدِيدُهُ صِينَ عن وَبالِ

ذكَّرني إذ شدَا وغنَّى ... ما مَرَّ لي من حَمِيد حالِي

ليالياً كُنَّ كالَّلآلِي ... سالفُ عيْشي بهِنَّ حالِي

كم خوَّلتنْي ونوَّلتْني ... تلك الليالِي من النَّوالِ

فليت أنِّي اتَّخذْتُ عهداً ... لا فوَّت البَيْن والنَّوى لِي

ولا قضَتْ بافْتراقِ شَمْلِي ... وشَمْلِ مَيْمونةِ الشِّمالِ

كم طَوَّقتْ جِيدَها الليالِي ... زَنْدُ يمينِي مع الشِّمالِ

وكم سقتْنِي بما سقْتني ... من مُسْكِرٍ طاهرٍ حَلالِ

لو بعده ذُقْتُ أيَّ حُلْوٍ ... أستغفرُ اللهَ ما حَلا لِي

ذكرت بالبيت الأول قول ابن نباتة في خطبة سجع المطوق: وهذه أوراقٌ تثمر الشكر، وفواصل طاهرة إلا أنها تنتج السكر.

للهِ عَيْشٌ خَلا وكُلٌّ ... كما قضَى ذُو البَقاءِ خَالِي

<<  <  ج: ص:  >  >>