للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا حبَّذا وَجْنتُه جَنَّة ... لكنَّها تحت ظِلالِ السيوفْ

وهو من قول ابن الخطيب:

انْظُر إلى عارضِه فوقه ... ألحاظُه تُرْسِل فيها الحُتوفْ

تُشاهدِ الجَّنةَ في وجهِه ... لكنها تحت ظلالِ السُّيوُفْ

وأما: جعفر فهو طيار الصيت في الآفاق، سيار الذكر بين الرفاق.

خمرت طينته بالأدب كل التخمير، ودعي له بالفضل في الولاية والتأمير.

فضرب لمخيم علاه على الأثير سرادق، ووعد جعفر فضله بسقي العلى فيا له من جعفرٍ صادق.

وقد سمعت من مادحيه بعضاً يقول: إنه فرد الزمان، وبعضاً يقول: إن معه في التوحد توقيع الأمان.

وله شعر كنور الأقاح كاد أن ينفتق، أو كنور الإصباح هم أن ينفلق.

فمنه قوله من قصيدة يمدح بها جمال الإسلام علي بن المتوكل إسماعيل:

هكذا شرطُ الهوى سَلْبُ القلوبِ ... وشروقُ الدمعِ من تلك الغُروبِ

وجوىً نامٍ وصَبْرٌ ناقصٌ ... وزفيرٌ قد تعالَى بنَحِيبِ

وجُفونٌ قد جفَتْ طِيبَ الكرى ... ما أعزَّ النومَ للصَّبِّ الكئيبِ

ما لِعُذْرِيِّ الهوى عُذْرٌ وقد ... لاح كالصبحِ سَنَا وَجهِ الحبيبِ

أهْيَفٌ مهما تَثنَّى أو رَنَا ... يا حياءَ الظبِْي والغُصْنِ الرَّطِيبِ

شادِنٌ كالظَّبْيِ يرْعَى أبداً ... في رياض الحسنِ حَبَّاتِ القلوبِ

عَنْبرِيُّ الخالِ مِسْكِيُّ الشَّذَى ... سُكَّرِيُّ الرِّيقِ دُرِّيُّ الشَّنِيبِ

ساحرُ الألْحَاظِ فَتَّاك الرّنَا ... شَفَقِيُّ الخدِّ حُقِّيُّ الكُعوبِ

لو رآه عاذِلي ما عادَ لِي ... سلَب الصبرَ عن القلْبِ السَّلِيبِ

قَصِّرِ اللَّوْمَ عَذُولِي في الهَوى ... وأفِقْ باللهِ عنِّي يا رقيبي

أنت لا تبْرحُ تلْقَى نَصَباً ... في حبيبٍ هو في الدنيا نَصِيبي

وعلى أيَّةِ حالٍ فاسْترِحْ ... يا رقِيبي إنه غيرُ قريبِ

هو مثلُ البدرِ بُعْداً وسَناً ... وجمالُ المُلْكِ مَعْدومِ الضَّرِيبِ

وله في الغزل:

برَّح الشوقُ فواصِلْ ... أنت عمَّا بِيَ غافلْ

زُرْ فأيام المُحِبِّ ... ين كما قِيل قَلائلْ

قد تركتَ القلبَ منِّي ... ذاهباً والعقلَ ذاهِلْ

بأبي بدرٌ بدَا لي ... في سماءِ الحُسْنِ كامِلْ

كلَّما فوَّق سَهْماً ... لم يُصِب إلاَّ المَقاتِلْ

رِدْفُه للخَصْرِ منه ... ظالمٌ والقَدُّ عادلْ

أقوامٌ ذاك أم غُصْ ... نُ نَقاً في الدَّوْحِ مائلْ

وعيونٌ فاتراتٌ ... تلك أم أسْحارُ بابلْ

وخدودٌ قَانياتٌ ... أو ورودٌ في غلائلْ

قيَّدتْني عارِضاه ... لهواهُ في سَلاسِلْ

قال لي لمَّا رآنِي ... مِن هواهُ في حبائلْ

عارضِي المَقْرون نُونٌ ... وعِذارِي سالَ سائِلْ

قد مضَى العمرُ ووَلَّى ... لم أفُزْ منه بطائلْ

لستُ أُصغِي في هواه ... لوُشاةٍ وعواذِلْ

إنَّ دينَ الحبِّ حَقٌّ ... وسُلُوِّي عنه باطلْ

فدعِي العاذلَ فيه ... فلْيَقُلْ ما هو قائلْ

هو لا شَكَّ لِما بي ... من جوىً في القلب جاهلْ

أنْكَر العاذلُ وَجْدِي ... وعلى الوجدِ دلائلْ

وكفَى السُّقْمُ دليلاً ... ودَمٌ في الخدِّ هامِلْ

وله، في الغزل أيضاً:

سُمْتَ الفؤادَ مَنالَ المَنْزَعِ السَّامِيسَوْمَ العِداةِ مَرِيرَ السَّوْمِ بالسَّامِ

أذْكيْتَ نارَيْن فيه من هوىً ونَوىً ... كلاهما ذاتُ إضْرار وإضْرامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>