للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أتُقْصَى عن البيتِ الحرامِ رِكابُنا ... ويُهْدَمُ مِن آلِ النَّبيِّ عِمادُ

ألم تذكر الأتْراكُ غارةَ أثْلَةٍ ... وأنَّهم ذاقوا الوَبال وبادُوا

ويا رُبَّ يومٍ أدركوا فيه مَصْرعاً ... وللوَحْشِ منهم مَنْهَلٌ ووِرادُ

فعُودُوا عليهم عَودةً قَعْسَريَّةً ... تُصاب سَلِيمٌ عندها ومُرادُ

إذا أحْرَمتْ بِيضُ السيوف تَجِلَّةً ... وناط بِخَيْفٍ أبْطَحٌ وجِيادُ

هنالك يُشْفَى غَيْظُ نفسٍ كريمةٍ ... وقد حان من أهلِ الضَّلالِ حَصادُ

ودونكم الحَرَّاءَ من قلبِ عارفٍ ... لها حِكَمٌ ما إنْ لَهُنَّ نَفادُ

لقد أرسلتْ تِمْثالَها وترسَّلتْ ... فواصلُ فيها للعِداةِ صِفادُ

أصِيخُوا لها سَمْعاً وعَزْماً يقولُه ... خطيبٌ بليغُ الواعظاتِ جَوادُ

سلامٌ عليكم إن عملتُم بِحُكْمِها ... وإلاَّ فلا جاءَ الديارَ عِهادُ

وقد وقفت لصاحبنا أديب الدهر، أحمد بن ابي القاسم الحلي على قصيدة وزانها، رد عليه فيها.

وهي:

دَعَوْتَ ولكن مَن دعوتَ جَمادُ ... ونَبَّهْتَ لكنْ مَن دَهاه رُقادُ

وأسمعْتَ مَن أضْحتْ بأُذْنَيْه عِلَّةٌ ... فما لِمَواعيظِ الرَّشادِ رَشادُ

كأنَّ أحاديثَ الذين تحلّفوا ... وصَدُّوا لآذانِ الرِّجالِ سِدادُ

وحرَّضْتَ أصْناماً ظننْتَ شُخوصَها ... جُسوماً ولكنْ ما لهُنَّ فُؤادُ

رأيتَ سَراباً لاح منهم بِقِيعَةٍ ... شَراباً فرِدْ إن الشّرابَ يُرادُ

وآنسْتَ ناراً يُستطارُ شَرارُها ... وما هِيَ إلاّ إن كشفْتَ رَمادُ

قَذىً حَلَّ في عينيْك حتى تصوَّرتْ ... لك الحُمْرُ أُسْداً والحمير جِيادُ

وحتى البُروقُ الّلامعاتُ صَوارِمٌ ... وحتى الحصونُ المائلاتُ مَعادُ

وحتى النجومُ الزَّاهِرات مَغَافِرٌ ... وحتى طِرادُ اللاعبِين جِلادُ

وحتى ظَلُومُ الليلِ جيشٌ عَرَمْرَمٌ ... تضِيقُ به عند النُّزولِ بِلادُ

وحتى السحابُ الجُونُ قامتْ تُثيرُه ... خيولٌ على السَّبْعِ الشِّدادِ شِدادُ

وحتى الرُّعودُ المُزعِجاتُ صَهِيلُها ... إذا هيَ في اليومِ العَبُوس تُقادُ

وحتى العَباءُ السُّودُ وهْيَ عليهمُ ... دُروعٌ لقد غَرَّ السوادَ سَوادُ

أعِدْ نَظَراً فيما رأيتَ ولا تَمِلْ ... عن الحقِّ إنَّ المَيْلَ عنه عِنادُ

ألم يعلموا أن النفوسَ نَفائِسٌ ... وأن مَذاقَ الموتِ ليس يُرادُ

ألم يعلموا أن السَّلامةَ مَغْنَمٌ ... إذا حصَلتْ نالوا المُنَى وأفادُوا

وهَبْ أنهم هَشُّوا لقولك هَشّةً ... وشدُّوا العِتاقَ السَّابقاتِ وقادُوا

ألَيس قُصاراهم إذا قامتِ الوغَى ... ودارتْ رحَى الهَيْجا فَناً وشِرادُ

أبَعْد افْتراشِ الخَزِّ تغدو من الثّرَى ... لهم فُرُشٌ مطروحةٌ ووِسادُ

وبَعْد رُكوبِ الخيْلِ يغْدو رُكوبُهم ... على آلةٍ حَدْبا وعَزَّ مِهادُ

وبعد لَذِيذات المَطاعمِ منهمُ ... يكون طعامٌ للسِّباعِ وزَادُ

يعِزُّ عليهم يا أخا العَزْمِ والنُّهى ... يطُول لربَّاتِ الحِجَالِ حِدادُ

بحقِّك قُلْ لي هل رأيتَ هَلاكَهمْ ... بإغْرائِهم كَيْما يُنال مُرادُ

وهل في الحَشَا منكم كُلومٌ قديمةٌ ... فثَارَ لأخْذِ الثّأْرِ منك فُؤادُ

كأنِّي بهم لو حاولوا أن يُزايِلُوا ... مَنازلَهم قادُوا الرِّقابَ نِجادُ

<<  <  ج: ص:  >  >>