للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَيَّانةٌ ظامئةُ الوِشاحِ ... سَكْراءُ من خَمْرِ الصِّبا يا صاحِ

تفْترُّ عن دُرٍ بَدِيدِ الشّنبِ ... كأنه كأسٌ طَفَا بالحَبَبِ

هِمْتُ بها وأعْجَبُ الإبْداعِ ... ذو طَيْلَسانٍ هام في قِناعِ

كالليلِ داجي شَعْرِها إذا سجَى ... ووجهُها كأنه بدرُ دُجَى

بيضاءُ بيْضا الْجُسَيمِ كاعِبَهْ ... تُضْحى بألْبابِ الرِّجالِ لاعِبَهْ

كم مُغْرمٍ بحُبِّها مُدَلَّهَا ... بقلْبِه نحوَ الهوى مُدَّلَهَا

جاءتْ إلينا كالأصِيل في الضُّحَى ... لو لَمَحَ البدرُ سَناها لَمَحَا

وطَوْقُها يلوحُ فوق الجِيدِ ... كأنه شَكْلُ هِلالِ العيدِ

على جَبِين الأُفقِ البَهِيِّ ... مُنْحدِرٌ في الجانبِ الغَرْبِيِّ

قد خُطّ في طِرسِ السَّما كالنُّونِ ... كأنه قَوْسُ صَفيِّ الدِّينِ

رامِي حَشَا البُخْلِ بِسَهمِ الجودِ ... وقاتلُ الإعْدامِ بالوجودِ

يَمُّ العلومِ والنَّدَى المألوفِ ... وجُنَّةُ اللائذِ والمَلْهوفِ

هو الحُسامُ في يَدِ الخليفهْ ... حامِي ذِمامِ المِلَّةِ الْحَنِيفهْ

مَنْ جَلَّ مِقْداراً على السِّماكِ ... وقال للشمسِ أنا سَماكِ

أحمدُ نَجْلُ الحسنِ بن القاسمِ ... ناهِيك في الهَيْجاءِ من مُصادِمِ

مَن عرَّف الجندَ بلاَمِ الحربِ ... واللامُ للتَّعْريف عند العُرْبِ

ما بين خَطِّيٍ وبين ماضِ ... ومِغْفَرٍ وسابغٍ فَضْفاضِ

يتْلوهما تركشة في الرَّاسِ ... فُؤادُها من الحديدِ قاسِ

وتركشُ النَّبْلِ وقَوسُ الرَّمْيِ ... من لازمِ المُدَجَّح الكَمِيِّ

فالقوسُ قد عادتْ له أحكامُ ... وارتفعتْ لحُكْمِه أعْلامُ

منذ أعاد الأحْمَدِيُّ أثَرَهْ ... وشَدَّ أيضاً بالسَّوامِ أثَرَهْ

فصار بين الخافقَيْن مُشْتهَرْ ... وجا على البُنْدُقِ أيضاً يفْتخِرْ

مُنْحَنِياً من الدّها مُترْكشَا ... مُقَذِّفاً لسَهْمِه مُرَيِّشَا

يقول فَضْلِي ظاهرُ البيانِ ... بسُورةِ الزُّخْرُفِ لا الدُّخانِ

يُرْجَى على ظهرِ الحصانِ الأعْوَجِ ... أنا الهلالُ لم يُعَبْ بالعِوَجِ

قِدْحِي المُعَلَّى في ظهورِ السُّبَّقِ ... فأين مِن مَرْمايَ مُجْرِي البُنْدُقِ

قَبيلتي بين الورَى كِنانَهْ ... راشِقةٌ حِرابُها طَعّانَهْ

فهل ترى لبُنْدُقٍ قبيلَهْ ... سوى مقصّ شم أو فَتِيلَهْ

وإن أتى وصوتُه مُجاشِعُ ... فإنما أصولُه قَعاقِعُ

غِذاؤُه الباروتُ والرَّصاص ... كأنما في جَوْفِه قُرَّاصُ

فأرْعَدَ البُنْدُقُ حتى أبْرَقَا ... بَرْقاً من الياقوتِ قد تألّقَا

وقال إذْ قام على كُرْسِيِّهِ ... قد أُنْطِق الأخْرسُ بعد عِيِّهِ

تمنْطَق القَوْسُ عليَّ وافتَخرْ ... وهْو مدَى الأيامِ في أسْرِ الوَتَرْ

مُشدّدُ الأطرافِ كالمَوثُوقِ ... وقلبُه مُطَرَّحٌ في السُّوقِ

يفْخَر والفاخرُ عُقْباه النّدَمْ ... مَعْ أنه مُحْدَوْدِبٌ من الهِرَمْ

ليس له ذخيرةٌ يُنفِقُها ... إن ثار من نارٍ الوغَى مُحْرِقُهَا

يجهْل ما بيْن الورَى تأْثيرِي ... ورَفْعَ كُرْسِيِّي على الصدورِ

ولا أزال طالعاً في غاربِ ... أرْمِي الشياطِين بنَجْمٍ ثاقبِ

أرُوعُ في الهَيْجا زئيرَ الأُسْدِ ... بصَرْخةٍ من رَمْيتِي كالرَّعْدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>