للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنْفَعُ دِرْياقٍ لمَن قتَل الهوى ... فهاتِ ارْتِشافَ الثَّغْرِ إن سَمَحَ الثَّغْرُ

بهذا عرفْنا الفرقَ ما بين كأسِها ... وبين مُدامِ الظَّلْمِ إن أشكلَ الأمْرُ

فواللهِ ما أسْلُو هَواها على النَّوَى ... بَل إن سلاَ بذْلَ النَّدَى الملكُ القَسْرُ

أبو حسنٍ زيدُ المَكارمِ والتقى ... له دون أمْلاكِ الورى المجدُ والفخرُ

إذا ما مشَى بين الصُّفوفِ تزَلْزَلتْ ... لِهَيْبتهِ الأمْلاكُ والعَسْكرُ المَجْرُ

وترْجُف ذاتُ الصَّدْعِ خَوْفاً لِبأْسِهِ ... فَيْندكُّ أطوادُ المَمالكِ والقَفْرُ

فلو قال للبحرِ المُحيط ائْتِ طائعاً ... أتاه بإِذْنِ اللهِ في الساعةِ البَحْرُ

على جُودِه من وَجْهِه ولسانِه ... دليلان للوفْدِ البشاشةُ والبِشْرُ

فما أحنفٌ حِلْماً وما حاتمٌ نَدىً ... وما عنْترٌ يومَ الحقيقةِ ما عَمْرُو

هو الملِك الضَّحَّاكُ يوم نِزالِه ... إذا ما الجبانُ الوجه قَطَّبه الكَرُّ

لقد قَرَّ طَرْفُ المُلْكِ منه لأنَّه ... لَديْه النَّوالُ الحُلْوُ والغضبُ المُرُّ

أنِخْ عنده يا طالبَ الرِّزْقِ فالذي ... حَواه أنُوشِرْوانَ في عيْنهِ نَزْرُ

ولا تُصْغِ للعُذَّالِ أُذْناً وإن دَنَوْا ... بأحْسابِهم منهم فما العبدُ والحُرُّ

وهل يسْتوِي عَذْبٌ فُراتٌ مُرَوَّقٌ ... ومِلْحٌ أُجاجٌ لا ولا التِّبْنُ والتِّبْرُ

فلو سمعتْ أُذْنُ العِدَى بهِباتِه ... إذا جاد لاسْتحْيتْ ولكنْ بها وَقْرُ

مَلِيكٌ إليه الإنْتهاءُ وقَيْصَرٌ ... يُقصِّر عنه بل وكِسْرَى به كَسْرُ

مَلِيكٌ له سِرٌّ خَفِيٌّ كأنما ... يُناجِيه بالغيْبِ ابنُ داودَ والحَبْرُ

فإن كذَّبوا أعْداءُ زيدٍ فحسْبُه ... من الشاهدِ المَقبولِ قِصَّتُه البِكْرُ

لَياليَ إذ جاء الخَصِيُّ وأكْثروا ... أقاويلَ غَيٍ ضاق ذَرْعاً بها الصَّدْرُ

فأيْقظَه من نَوْمِه بعد هَجْعةٍ ... من الليلِ بيْتٌ زاد فَخْراً به الشِّعْرُ

كأنْ لم يكنْ أمْرٌ وإن كان كائنٌ ... لكانَ به أمْرٌ نفى ذلك الأمْرُ

وفي طَيِّ هذا عِبْرةٌ لأُلي النُّهَى ... وذِكْرَى لمن كانت له فِطْنةٌ بِكْرُ

فيا زيدُ قُلْ للحاسدين تحفَّظوا ... بغَيْظِكمُ أن لا يُطيعَكمُ الصَّبْرُ

فمَجْدِي كما قد تعلمون مُوثَّلٌ ... وكلُّ حَمامِ البَرِّ يقْنِصُها الصَّقْرُ

مِن القومِ أرْبابِ المَكارم والعُلَى ... مَيامِينُ في أيْديهمُ العُسْرُ واليُسْرُ

مَسامِيحُ في الأَوْلَى مَصابيحُ في الدُّجَى ... تَصافَح في مَعْناهمُ الخيرُ والشَّرُّ

أسِنَّتُهم في كلِّ شرقٍ ومَغْرِبٍ ... إذا ورَدتْ زُرْقٌ وإن صَدَرَتْ حُمْرُ

مَساعِيرُ حربٍ والقَنا مُتشاجِرٌ ... ويوم النَّدَى تبْدو جَحاجِحَةٌ غُرُّ

وَلِيدُهمُ ألقَى الملوكُ لأمْرِه ... تقولُ لبَدْرِ التِّمِّ ما أنْصَف الشَّهْرُ

بنِي حَسَنٍ لا أبْعَدَ اللهُ دارَكمْ ... ولا زال مُنْهَلاً بأرْجائِها القَطْرُ

ولا زال صَدْرُ الدَّسْتِ مُنْشَرِحاً بكمْ ... فمنكم وُلاةَ البيتِ ينْشرحُ الصدرُ

قلت: وقد ترجمه صاحب السلافة، وقال فيه: ورد مكة، فمدح سلطانها السيد زيدا، بقصيدةٍ طويلة الذيل، فأجازه عليها جائزةً سنية النيل.

على أن نظام أبياتها غير مؤتلف، وانتساق معانيها يتفاوت ويختلف.

فهي كما قيل: درةٌ وآجرة، وقحبة تجاورها حرة.

ثم أورد المقدار الذي ذكره من القصيدة، مع التعقبات التي في أثنائها، والاعتراضات التي طمست من سناها لا سنائها.

<<  <  ج: ص:  >  >>