للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَبِيُّ جمالٍ مُعْجِزٌ بجمالِه ... ومُعْجِزُ لَحْظَيْه عن الكلِّ قد أغْنَى

إليه إشاراتُ المحِبِّين حيثما ... تولّى وكلٌّ في هَواه به مُضْنَى

به كلُّ أوصافِ الجمالِ تجمَّعتْ ... فمِن أجْلِه في الحبِّ صرتُ له رَهْنَا

نَفَى وَسَنِي عنِّي وذَوَّبَ مُهْجتِي ... وحَنَّ فؤادي للوِصالِ وما حَنَّا

عُبَيْدٌ له لا أبْتغِي العِتْقَ دائماً ... فيا ليْته يَرضَى حُلولِيَ في المَغْنَى

له في حَشايَ منزلٌ ومَودَّةٌ ... مُشيَّدةُ الأركانِ مُحْكمةُ المبْنَى

يَهيمُ به عقلي فسِرِّي تهتُّكِي ... ورُشْدِي ضَلالي في هواه ولا مَنَّا

أبُثُّ له شوقي فيَلْوِي وينْثنِي ... بِتِيهِ تَثَنٍ يُخْجِلُ الذّابِلَ اللّدْنَا

لماذا تُطيلُ الصَّدَّ يا غايةَ المُنَى ... ومُغْرَمُك الوَلْهانُ أفْنيْتَه حُزْنَا

نَهتْنِيَ عُذّالِي وبي يتمَسْخَرُوا ... يقولون يا وَلْهانُ إرْعَ لنا الظّعْنَا

زمانُك يا مجنون ضاع بحُبِّه ... ولم تر أهل العشق مثلَك قد جُنَّا

يُصدُّ ويجْنِي في فِراقِك دائماً ... فقلتُ فعندي ذاك أطيبُ ما يُجْنَى

إلى كم جفَا حتى متى تَرْض باللِّقا ... وتُطْفِي لَهِيباً لاعِجاً مُهْجةَ المُضْنى

هنِيئاً لقلبي ما فيك مَحبَّةً ... بما يُرْضِي الرحمن والإِنْس والجِنَّا

وما عَشْقتِي فيه قَبيِحاً ولا خَناً ... ولكنّها للهِ خالصةُ المعنَى

وله من أخرى في الغزل، أولها:

أمالَ عِطْفاً وطُلاه لَواهْ ... وأخْفَق الحسنُ عليه لِوَاهْ

عِطْفٌ حكى الصَّعْدةَ في صَدْعِها ... والغُصن المائسُ يحْكي انْثِنَاهْ

يتْلوه لَحْظٌ نافِثٌ تالياً ... سِحْراً فيا وَيْلاه ممَّا تَلاَهْ

في كلِّ يومٍ منه لي آية ... لو أنّها للطّوْدِ حصَباً تَرَاهْ

وكم به كلّمني إذْ مضَى ... فمذُ دَعاه القلبُ وَافَى وجَاهْ

فدَيْتُها من لَحْظةٍ لي بها ... من المَنايا وشَهِيّ الحيَاهْ

لا صبرُ لي عنها ولا طاقةٌ ... عندي لها والأمرُ فيه اشْتِباهْ

من حَسِبها عَقْربَ صُدْغٍ بها ... قلبيَ مَلْدُوعٌ وما مِن رُقَاهْ

دبَّتْ له دَبَّ لذيذِ الكرَى ... في مُقْلَةٍ أوْدَى بها الانْتباهْ

ثم تحرَّتْ في سُوَيْداه أن ... تشُوكَه وَيْلاه وا ويْلتَاه

بدرٌ ثنانِي حبُّه فاغْتدَى ... فكرِي بنَانِي دَيْدَناً في ثَناهْ

ظَبْيٌ وعنه لم يزلْ ناهِياً ... كلُّ جَهُولٍ عارِياً عن نُهاهْ

في ثَغْرِه العَذْبِ وسِلْكِ الجُمَا ... نِ الرَّطْبِ فانْظُر للحُلَى في حُلاَهْ

وفي شِفاهُ اللُّعْسِ خمرٌ حَلاَ ... لكنَّ لَحْظَيْه هما حَرَّمَاهْ

بمنطقٍ ذِي غُنَّةٍ خِلْتُها ... صَلِيلَ عَضْبٍ في حَشايَ فَرَاهْ

لجِيدِهِ جُدْتُ برُوحِي وبالْ ... آباءِ والبيْتِ وما قد حَواهْ

فتَاه بالحُسْنِ وما ضَرَّه ... لو أنَّ بالحُسْنِ يُواتِي فَتَاهْ

لا غَرْوَ أن تَاه على مَن له ... ليلاً صَباحاً بالشّجَى أنَّتَاهْ

لِمْ يا خليليَّ تلُوما لِمَا ... لُمَا جَهُولاً عاذَلِي عن لَماهْ

كم ليلةٍ أمسيْتُ ذا جَذْوةٍ ... تسوءُ ظَني لا عِجِي لا عَجَاهْ

وسيِّدي عَنِّىَ لاَهٍ ولم ... أُحِرْ سَداداً والحِجا فيه لاَهْ

آهِ لقلبي آهِ آهاً له ... آهِ لقلبي آهِ آهاً وآهْ

<<  <  ج: ص:  >  >>