للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذا لُؤلُؤِي ثغْرِه جِسْمُه ... ولُؤْلُؤِيُّ الثَّوْبِ قلبي لَواهْ

يا رَشَأً بالكُمِّ عنِّي أرَاهْ ... يسترُ لَحْظاً فاتِكاً بالكُمَاهْ

أفْدِيكَ من خَجْلانَ لا عنك لي ... مُسْتَبْدَلٌ لا والعَلِي في عُلاهْ

صَبْراً لهجْري إن به تَرْضَ لي ... يوماً فيوماً ثم مَاهاً فمَاهْ

وهكذا يقْضِي زَمانِي به ... لا حولَ لي ما شاءَ ربِّي قضَاهْ

تقي الدين بن يحيى ابن إسماعيل بن عبد الرحمن بن مصطفى السنجاري الاسم تقي والعرض نقي، والخلق رضي، والفعل بحمد الله مرضي.

تميز بهذا الشأن على وفور حلبته، وفرع فيه البيان على سمو هضبته، وفوق سهمه إلى نحر الإحسان فأثبته في لبته.

مع أدبٍ غاص في لجة بحره، فاستخرج درره وأثبتها في جيد الدهر ونحره.

وقد أثبت له ما يغني عن ارتشاف ثغور الأقداح، ويكفي عن استنشاق عرف الرياض تفتح فيه الورد والأقاح.

فمنه ما كتبه إلى القاضي تاج الدين المالكي، ملغزاً في نخلة:

أيها المِصْقَعُ الذي شرَّف الدهْ ... رَ وأحْيَى دَوارِسَ الآدابِ

والهمامُ الذي تسامَى فَخاراً ... وتناهَى في العلمِ والأحْسابِ

والخطيبُ الذي إذا قال أمَّا ... بعدُ أشْفَى بوَعْظِه المُسْتطابِ

والإمامُ الذي تهذَّب طِفْلاً ... وزَكا في العلومِ والأنْسابِ

إن تُصحِّفْه كان فيه شفاءٌ ... وبه النَّصُّ جاءنا في الكتابِ

ولك الفضلُ إن تُصحِّفْه أيضا ... بالعَطا لا بَرِحْتَ سامِي الرِّحابِ

مُفْرَداً إن حذَفْتَ منه أخيراً ... صار جمعاً له بغير ارْتيابِ

أو وصلتَ الأخيرَ منه بصَدْرٍ ... كان عَدّاً برأْيِ أهلِ الحسابِ

وبثَانٍ إن ضُمَّ تالٍ إليه ... فهو خِلٌّ من أعظمِ الأحْبابِ

وإذا ما صحَّفْتَه لَذَّ للنفْ ... سِ مَذاقاً في مَطْعَمٍ وشَرابِ

خَلِّ نِصْفاً يُحَلُّ عنه وبادِرْ ... قَلْعَ عيْنٍ ما إنْ لها مِن حسابِ

قلعَ اللهُ عيْنَ شَانِيكَ يا مَن ... قَدْرُه قد سَما عن الإسْهابِ

وابْقَ في عِزَّةٍ وعِزٍ مَنِيعٍ ... ما حَدا بِالحجازِ حادِي الرِّكابِ

فأجابه بقوله:

يا إماماً صلَّى وسلَّم كُلٌّ ... خلفَه من أئمَّةِ الآدابِ

وخطيباً رقَى فضمَّخ طِيباً ... مِنْبَر الوعظِ منه فَصْلُ الخطابِ

لم يُنافَس لَدَى التَّقدُّم إلاّ ... قال مِحْرابُه هو الأحْرَى بِي

أشْرقتْ شمسُ فضلهِ لا تَوارتْ ... عَيْنُها عن عِيانِنا بحِجابِ

وأتى رَوْضُ فكرِه بعَرُوسٍ ... قد أُمِدَّتْ أنهارُها من عُبابِ

تقْتضي مِنِّيَ الجوابَ وعُذْرِي ... في جوابِي حُوشِيَت أنَّ الجَوَى بِي

شَبَّهُ في حَشايَ فَقْدُ فتاةٍ ... رحلتْ تمْتطِي مُتونَ الرِّقابِ

وانْطَوتْ بعد بَيْنِها بُسْطُ بَسْطِي ... وانْقضتْ دولةُ الصِّبا والتَّصابِي

ليت شِعْرِي بمن أَهِيمُ وشمسِي ... ما لها في أُفُولِها من إيابِ

كيف أصْبُو ووردةٌ كان رَوْضُ الْ ... أُنْسِ يزْهُو بها ثَوتْ في التُّرابِ

لا وعَيْشٍ مضَى بها في نعيمٍ ... لستُ أصْبُو من بَعْدِها لكَعابِ

هاتِ قُلْ لي يا مَلْعَبَ السِّرْبِ ما لِي ... لا أر فيك ظبْيةَ الأتْرابِ

قال سَلْ حاسبِ الكواكبَ عمَّا ... حار في دَفْعِه أُولو الألْبابِ

أصبحتْ من بَناتِ نَعْشٍ وكانتْ ... بدرَ تِمٍ فهل تَرَى من جَوابِ

فابْسُطِ العُذْرَ يا أخا الفضلِ فَضْلاً ... إن تجدْني أخْطأتُ صَوْبَ الصَوابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>