للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسامِحْ فمِنْدِيلُ القَرارِ مُقطَّعٌ ... ورِقَّ لقلبٍ لا يقَرُّ من العُدْمِ

ودُمْ أبداً في نِعْمةٍ ضِدُّها لها ... يُطَأْطِىءُ رَأْساً في الرَّغامِ على الرَّغْمِ

وكتب إلى القاضي أحمد بن عيسى المرشدي، يهنيه بزيارة النبي صلى الله عليه وسلم:

زيارةٌ رفعتْها للقبولِ يَدٌ ... وسَفْرةٌ أسْفرَتْ في طَيِّها مُدَدُ

يَهْنيِك زَوْرةُ خيرِ الخلقِ في رَجَبٍ ... يا مَن ربيعُ يديْه دائماً لُبَدُ

اللهُ والشافِعُ المُخْتَارُ قد نَظرا ... إليك والرَّكْبُ إذ سايرْتَه سَعِدُوا

أخْلَصْتَ للهِ في هذِي الزيارةِ إذْ ... شدَدْتَ وَجْنَاء لا تشكو إذا تَخِدُ

وفُزْتَ في لَثْمِ أعْتابٍ مُقَرَّبةٍ ... إليه قومٌ بها في زِيِّهمْ حمدُوا

نعمْ لكم ذِمَّةٌ منه بتَسْمِيةٍ ... يَهْنِى مُحمَّدَ من ذَا الحمْدِ ما يَجِدُ

قد سِرْتَ للَّهِ سيرَ الصالحين إلى ... نَبيِّه وعلى الألْطافِ تعْتمِدُ

قصَدتَ سُوحَ إمامِ الرُّسْلِ سَيِّدهم ... غَوْثِ العبادِ إذا في حَشْرِهم جُهِدُوا

ورُمْتَ من فضلهِ فضلاً تَزِيد به ... فضائلاً هي في عَلْيائِك السَّنَدُ

طابتْ بطَيْبةَ أوقاتُ الأُلَى قصَدُوا ... تقْبِيل تُرْبتِه والخيرَ قد وَجدُوا

هبَّتْ عليهم نُسَيْماتُ الرِّضا سَحَراً ... فزال عنهم لَهِيبُ القلبِ والكَمَدُ

زاروا جُسوماً وزُرْنا نحنُ أفئدةً ... في سَبْسَبِ الوجدِ والأشْواقِ تَطَّرِدُ

بُشْراكَ يا زائرَ المُختارِ لا برِحتْ ... عليك منه مَبَرَّاتٌ سَمتْ تَرِدُ

لا زلْتَ تقصِده ما سار زائرُه ... إليه في كلِّ عامٍ نَجْمُه يَقِدُ

فأجابه بقوله:

أذِي زهورُ رياضٍ زَانَها النَّضَدُ ... أمِ الدَّرارِي التي في أُفْقِها تَقِدُ

أم ذِي جواهرُ تِيجانِ المُلوكِ بَلَى ... جواهرُ التَّاجِ إذْ قِيستْ بها تَأَدُ

أم العقودُ أم المنظومُ من كَلِمٍ ... أعان نَأظِمَه التَّأْيِيدُ والمَدَد

أم ذِي عرائسُ أفكارٍ مُحجَّبةٌ ... أماطَتِ السِّتْرَ عنها للأديبِ يَدُ

يدٌ طويلةُ باعٍ في العلومِ لها ... في كلِّ ما يُعْجِزُ الأفهامَ مُنْتقَدُ

كأنها حين وافتْنِي على غِرَرٍ ... أرْى قُتيلِ الهوى عَذْبِ اللَّمَى الصَّردُ

قد أذْكرتْنِي أيَّاماً حَلتْ وَخَلَتْ ... واغْتال لَذَّتَنا في طَيِّها الأبَدُ

وافتْ تُهنِّي مُحِبّاً لم يزَلْ قَلِقاً ... إلى لقائِكَ صَبّاً وهْو مُضْطَهَدُ

وكان لما أتتْ أحْرَى بتهْنِيَةٍ ... بها لِمَا أطْفأتْ من حَرِّ ما يَجِدُ

وقلت فيها وزُرْنا نحن أفئدةً ... مُعرِّضاً فانْجلَى ما جَنَّهُ الخَلَدُ

فالحمدُ للهِ زار المُصطفى الجسدُ ... مع الفؤادِ وحُقَّ الأجرُ والرَّشدُ

هذا وأنتَ على العِلاّتِ أجْمَعِها ... لَدَى المُحِبِّ لَموْمُوقٌ ومُعْتَمَدُ

لأنَّ كلَّ اعْتدالٍ من سِواكَ يُرَى ... يفُوقُه منك عندي ذلك الأَوَدُ

عليك منِّي تحيَّاتٌ مُضاعَفةٌ ... من المُهَيْمِنِ تَتْرَى مالَها أمَدُ

عفيف الدين بن عبد الله ابن حسين الثقفي هذا من أهل الطائف، أديبٌ كثير اللطائف.

ثقفي مثقف قناة المجد، جرى إلى آماد الفتوة فبلغها بالجد والجد.

وقد أطرب بأناشيده من لم يكن يطرب، وأتى بما يسكر من سمعه وإن لم يكن يشرب.

بعبارة مستغنيةٍ عن التصنع، وبديهة لم تشب بخطر التمنع.

مصقولةٍ بلا تطرية واسطة، مجلوة بلا منة ماشطة.

وكل كلامه عليه مسحة النضارة، وله ملاحة البداوة وهي تفوق الحضارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>