وتسْدِل من ليل الجَعِيدِ ذَوائباً ... يُجاذِبُ هاتيك الذَّوائبَ خَلْخالُ
وتُقْعِدها عند النُّهوضِ رَوادِفٌ ... تَميل بغُصْنِ القَدِّ والقَدُّ مَيَّالُ
فلا تهْجُرِيني إنَّ هَجْرِي ظُلامةٌ ... وجُرْحُ فؤادِي ماله اليومَ إدْمالُ
عسى عَطْفةٌ يَحْيى بها مَيِّتُ الهوى ... رُبوعُ اصْطبارِي بعد بُعْدِك أطْلالُ
ويغْفَى مُحِبٌّ دَأْبُه السُّهْدُ والبُكا ... كأن بعيْنيه المدامعَ أسْجالُ
يبِيتُ على جَمْرِ الغَضا وهو فَرْشُه ... ويصْلَى بنار الحبِّ والحبُّ فَعَّالُ
صِلينِي أنا الوافِي العهودَ على القِلَى ... وجَوْرُ الهوى عَدْلٌ ومَيْلٌ إذا مالُوا
ولا الصَّبُّ إلاَّ ما يرى الصَّابَ شُهْدَه ... ويعلمُ أن الصبرَ حُلْوٌ إذا حالُوا
فَدَيْتُ الجفا منها وإن كان ضَائِرِي ... وعشْقي سُلَيْمى لا محَالَة قَتّالُ
أُكتِّم جُهْدِي حُبَّها وهو ناحِلِي ... ويفْضحني دمعٌ على الخدِّ سَيَّالُ
أحِنُّ إلى سَلْمَى على قُرْبِ دارِها ... حَنِينَ فَقِيدِ الإلْفِ أضْناه بَلْبَالُ
ويُنْشِد قلبي كلما ارْتاع للنَّوى ... وأضْناه تَذْكارٌ وحالتْ به حالُ
أيا دارَها بالخَيْف إن مَزارَها ... قريبٌ ولكن دون ذلك أهْوالُ
وكتب إلي هذه القصيدة، طالباً مراجعتي:
قَوامٌ أنْبتَ الرُّمَّانَ نَهْدَا ... وغُصْنٌ ماسَ أم قَدٌّ تبدَّى
وبَرْقٌ ما أرى أم دُرُّ ثَغْرٍ ... يُنظِّمه بديعُ الحسن عِقْدَا
ووَجناتٌ على تُفَّاحِ خَدٍ ... متى أبْدَى لنا التفاحُ وَرْدَا
وآسُ سَوالِفٍ ما خِلْتُ أم ذا ... صَفاءُ الخدِّ ظِلَّ الهُدْب مَدَّا
ومالَكِ يا غَزالةُ من شَبِيهٍ ... سوى شِبْهِ الضُّحَى والبدرِ نِدَّا
وأنك قد أعَرْتِ الظَّبْيَ جِيداً ... وعَيْناً والغصونَ الهِيفَ قَدَّا
وما الحسنُ البديعُ وإن تَناهَى ... سوى مِن بعضِ مَعْناكِ اسْتمدَّا
بمَن أَوْلاك مُلْكَ الحسن فينا ... وصيَّر كلَّ حُرٍ فيكِ عبدَا
صِلِي حبلَ الودادِ بحبلِ وَعْدِي ... لقد جاوَزْتِ في التَّسْويفِ حَدَّا
وما سَكَنِي سِوَى عَهْدِي قديماً ... وما أنا ناكِثٌ ما عِشْتُ عهدَا
مُقِيمٌ بالعَقِيقِ وبالمُصَلَّى ... أُبَوَّأُ منهما بَاناً ورَنْدَا
أُغازِلُ فيه أجْفانَ الغَوانِ ... وألثِم زينباً وأضُمُّ هِنْدَا
وأرشُفُ من رُضابِ الغِيدِ رَاحاً ... تُعِيد لَهِيبَ ما أشكُوه بَرْدَا
وأنْظِم من ثَناياها عقوداً ... كنَظْمِي مدحَ مولانا المُفَدَّى
محمد الأمين ومَن تَسامَى ... شريفٌ قد علا كرماً ومَجْدَا
من القومِ الذين بَنتْ مَعَدٌّ ... بهم فوق السِّماكِ ثَناً وحمدَا
أعَزُّوا الدينَ بالسُّمْرِ العَوالِي ... وحازُوا الفَخْرَ شِيباناً ومُرْدَا
وقادُوا العادِياتِ مُطَمَّهاتٍ ... على صَهَواتِها تحْمِلْنَ قَدَّا
وَرِثْتَهمُ جمالَ الدين حقّاً ... عفافاً راسِخاً وتُقىً وزهدَا
فضائلَ قد علَوْتَ بها الثُّرَيَّا ... وآداباً تبِعْتَ بهِنَّ جِدَّا
بآراءٍ يَحارُ العقلُ فيها ... وأيُّ حِجاً يحُلُّ لهُنَّ عَقْدَا
بِحلمٍ لا يُعادِلُه ثَبِيرٌ ... وفخرٍ ليس يُحْصَى أن يُعَدَّا
وأخلاقٍ شَمائلُها شَمُولٌ ... يفُوح عَبِيرُها مِسْكاً ونَدَّا