للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هي الشمسُ إلاَّ أنَّ فاحِمَها الدُّجَى ... هي البدرُ لكنْ لا يزال مُتَمَّمَا

تجُول مِياهُ الحُسْنِ في وَجَناتِها ... وتمْنَع سَلْسالَ الرُّضابِ أخَا الظَّمَا

وتسلُب يَقْظانَ الفؤادِ رَشادَه ... وتكسُو رِداءَ الحُسْنِ جسماً مُنَعَّمَا

مَهاةٌ يصِيدُ الأُسْدَ سَهْمُ لِحاظِها ... ومن عَجَبٍ صَيْدُ الغَزالةِ ضَيْغَمَا

يُعلِّلني ذِكْرَ الحِمَى مُترنِّمٌ ... وما شَغَفِي لولا الغزالةُ بالحِمَى

وأصْبُو لِنَجْدِيِّ الرِّياحِ تَعَلُّلاً ... ومَن فقَد الماءَ الطَّهُورَ تَيمَّمَا

قال السيد المرتضى، في كتابه الدرر والغرر: ذاكرني بعض الأصدقاء بقول أبي دهبل:

وأبْرَزْتُها.............. ... ..................الخ

وسألني إجازة هذا البيت بأبياتٍ تنضم إليه، وأجعل الكناية فيه كأنها كناية عن إمرأةً لا عن ناقة، فقلت في الحال:

فطيَّب رَيَّاها المَقامَ وضَوَّأتْ ... بإشْراقِها بين الحَطِيم وزَمْزَمَا

فيا رَبِّ إن لَقّيْتَ وجهاً تحيَّةً ... فَحَيِّ وجُوهاً بالمَدينة سُهَّمَا

تَجافَيْن عن مَسِّ الدِّهانِ وطالَما ... عَصَمْنَ عن الحِنَّاءِ كَفّاً ومِعْصِمَا

وكم من جَلِيدٍ لا يُخامِرُه الهوى ... شَنَنَّ عليهِ الوَجْدَ حتى تَتَيَّمَا

أهان لَهُنَّ النفسَ وهْي كريمةٌ ... وألقَى إليهنَّ الحديثَ المُكتَّمَا

تسفَّهْتُ لمَّا أن مَرَرْتُ بدارِها ... وعُوجِلْتُ دُون الحِلْمِ أن أتحَلَّمَا

فعُجْتَ تَقَرَّى دارِساً مُتنكِّراً ... وتسألُ مَصْروفاً عن النُّطْقِ أنْجَمَا

ويومَ وقفْنا للوَداعِ وكلُّنا ... يَعُدُّ مُطِيعَ الشوقِ مَن كان أحْزَمَا

نُصِرْتُ بقلبٍ لا يُعنَّف في الهَوى ... وعَيْنٍ متى اسْتَمْطَرْتَها قَطَّرتْ دَمَا

قال السيد علي بن معصوم، في سلافته: وقلت أنا ناسجاً على هذا المنوال:

وأبْرَزْتُها بَطْحاءَ مكةَ بعدَما ... أصاتَ المُنادِي بالصلاةِ فأعْتَمَا

فَضَوَّأ أكْناف الحَجُونِ ضِياؤُها ... وأشْرَق بين المَأْزِمَيْنِ وزَمْزَمَا

ولمَّا سَرتْ للرَّكْبِ نَفحةُ طِيبِها ... تغَنَّى بها حادِيهمُ وتَرَنَّمَا

فتاةٌ هي الشمسُ المنيرةُ في الضحى ... ولكنَّها تَبْدُو إذا الليلُ أظْلَمَا

تعلَّم منها الغُصْنُ لَفْتةَ قَدِّها ... وما كان أحْرَى الغُصْنَ أن يتعلَّمَا

وأسْفَر عنها الصبحُ لمَّا تلّثمتْ ... ولو سفَرتْ للصُّبْحِ يوماً تَلثمَا

إذا ما رَنَتْ لَحظاً وماستْ تأوُّداً ... فما ظَبْيةُ الْجَرْعا وما بَانةُ الحِمَى

تَراءتْ على بُعْدٍ فكبَّر ذو التُّقَى ... ولاحتْ على قُرْبٍ فصلَّى وسلَّمَا

وكم حَلَّتْ بالصَّدِّ قَتْلَ أخِي الهَوى ... وكان يُرَى قبلَ الصُّدودِ مُحَرَّمَا

وظنَّتْ فؤادي خالياً فرمَتْ به ... هَوىً عاد دائِي منه أدْهَى وأعْظَمَا

ولو أنها أبْقَتْ عليَّ أطَعْتُه ... ولكنها لم تُبْقِ لَحْماً ولا دَمَا

قال: وأنشدني صاحبنا احمد الجوهري لنفسه:

وأبْرَزْتُها بَطْحاءَ مكةَ بعدَما ... أصاتَ المُنادِي بالصلاةِ فأعْتَمَا

فشاهدتُ مَن لو أبصر البدرُ وَجْهَها ... لَكان بها مُضْنىً وَلُوعاً ومُغْرَمَا

ولو عرَضتْ رَكْبَ الحَجِيجِ تصدُّه ... لَلَبَّى لِمَا يَدْعُو هَواها وأحْرَمَا

وعَرَّف بالكُثْبان مِن عَرَصاتِها ... وقال مِنىً لي دارُها حين يَمَّمَا

فلا تعْذِلُوا في حُبِّ ظَمْياءَ إنها ... لها مَبْسَمٌ يشفى الفؤادَ مِن الظَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>