وإلاَّ فقُولاَ يا أُمَيَّةَ إنَّنَا ... تركْنَا قتيلاً من صُدُودِكَ بالهنْدِ
يحِنُّ إلى مَغْنَاكِ بالطَّلْحِ والغَضَا ... ويصْبُو إلى تلك الأُثَيْلاَتِ والرَّنْدِ
قِفَا ننْدُبِ الأطلالَ أطْلالَ عامرٍ ... ونبكي بها شَوْقاً لعلَّ البُكا يُجدِي
إلى ذاتِ دَلٍ يُخْجِلُ البدرَ حُسْنُهَا ... مُرَنَّحَةِ الأعْطَافِ مَيَّاسَةِ القَدِّ
سَقاها الْحَيَا ما كانَ أطْيَبَ يَوْمِنا ... بِمَوْرِدِها والحَيِّ وِرْداً على وِرْدِ
وقد نَثَرَتْ أيْدِي الغَمامِ مَطَارِفاً ... كَسَتْها أدِيمَ الأرْضِ بُرْداً على بُرْدِ
وقد رفَعَتْ فوق الْخُزُومِ سُرادِقاً ... من الشَّعْرِ والأضْيَافُ وَفْداً على وَفْدِ
بَدَوْتُ لِحَيَّيْهَا وإلاّ فإنَّني ... مِنَ السَّاكنين المُدْنَ طِفْلاً على مَهْدِ
ومِلْتُ إلى ماءِ البَشَامِ لأجْلِهَا ... وأعْرَضْتُ عن ماءٍ مُضَافاً إلى الْوَرْدِ
وغادَرْتُ نَخْلاً بالمدينةِ يانِعاً ... ومِلْتُ إلى السَّرْحَاتِ من عارِضَيْ نَجْدِ
وحَارَبْتُ أقْوَامي وصادقْتُ قَوْمَها ... وبالَغْتُ في صِدْقِ الوِدَادِ لهم جُهْدِي
فلا إثْمَ لي في حُبِّهَا ولقومِها ... وإن يَكُ إن اللهَ يغفرُ للعَبْدِ
ولا سِيَّما إن جئتُهُ مُتَوَسِّلاً ... بمُرْسَلِهِ خيرِ النَّبيِّينَ ذي المجدِ
أبي القاسمِ المبعوثِ من آلِ هاشمٍ ... نَبِيَّاً لإرْشادِ الخلائقِ بالرُّشْدِ
دَنَا فتدلَّى من مَلِيكٍ مُهَيْمِنٍ ... كما الْقابُ أوْ أَدْنَى من الواحدِ الفَرْدِ
ألا يا رسولَ اللهِ يا أشرفَ الوَرَى ... ويا بَحْرَ فَضْلٍ سَيْبُهُ دائمُ المَدِّ
لاَنْتَ الذي فُقْتَ النَّبِيِّينَ زُلْفَةً ... من اللهِ رَبِّ العرشِ مُسْتَوْجِبِ الحمدِ
يُناجِيك عَبْدٌ من عَبِيدِكَ نَازِحٌ ... عن الدَّارِ والأوْطَانِ والأهْلِ والوُلْدِ
ويسألُ قُرْباً من حِماكِ فَجُدْ له ... بقُرْبٍ فقُرْبُ الدَّارِ خيرٌ من البُعْدِ
ليلْثِمَ أعْتاباً لمسْجِدِكَ الذي ... به الروْضَةُ الفَيْحَاءُ من جَنَّةِ الخُلْدِ
فإنَّ له سَبْعاً وعشرين حِجَّةً ... غريبٌ بأرضِ الهِنْدِ يصْبُو إلى هندِ
إذا الليلُ وَارَاني أَهِيمُ صَبابةً ... إلى طَيْبةَ الغَرَّاءِ طَيِّبَةِ النَّدِّ
وأُسْبِلُ من عينَيَّ دَمْعاً كأنَّهُ ... عَقِيقٌ غَدا وادِي العَقِيقِ له خَدِّي
سَمِيراه في لَيْلٍ غرامٌ وزَفْرَةٌ ... تُقَطِّعُ أفْلاَذَ الحشاشةِ كالرَّعْدِ
عليك سلامُ اللهِ ما ذَرَّ شارِقٌ ... وما لاحَ في الخَضْرَاءِ من كوكبٍ يَهْدِي
كذا الآلُ أصْحَابُ الكرامةِ حَيْدَرٌ ... وبِضْعَتُهُ الزَّهراءُ زاكيةُ المجدِ
وسِبْطاك مَن حازا الفضائل كُلَّها ... وسَجَّادُهم والباقرُ الصادِقُ الوَعْدِ
وكاظِمُهم ثم الرِّضا وجَوادُهم ... كذاك عليٌّ ذو المناقبِ والزُّهْدِ
كذا العَسْكَرِيُّ الطُّهْرُ ذُو الفضْلِ والتُّقىوقائمهم غَوْثُ الورَى الحُجَّةُ المَهْدِي
والقصيدة الثانية مطلعها:
هوايَ لِرَبَّاتِ الخدُودِ العواتِقِ ... وخَيْلٍ جيادٍ صافِناتٍ سَوابِقِ
وقَوْمٍ ظُهورُ العَادياتِ حُصونُهم ... ومِصْباحُهم لَمْعُ السيوفِ البَوارِقِ
غَطاريفُ كم بَلَّ النَّجِيعُ ثِيابَهُمْ ... كُماةٌ غَداة الرَّوْع حامُو الحَقائِقِ
أُسودٌ إذا ما زارهم ذُو تَهَوُّرٍ ... تَولَّى بقلبٍ بين جَنْبَيْهِ خافِقِ