للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا مَن يظنُّ الشِّرْك في حُبِّي له ... هذا الذي أخْلَصْتُ فيه يَقيِنِي

رِيمٌ له فِعْل الرُّماةِ وإنما ... يُصْمِي فؤادَ المدنَفِ المحزُونِ

في القلب مَوْقِعُ سَهْمِه لكنه ... يَرمِي بقَوْسَيْ حاجبٍ وعُيونِ

يَبْرى نِبالاً من فُتور لِحَاظِهِ ... ويريشُها بالهُدْبِ للتَّمْكِينِ

ويُحيلُها بَارِي النُّفوس بحُكْمِهِ ... في القلبِ حَالةَ رَمْيها تَبْرِينِي

يمشي فيدعوه القَضيبُ سَرَقْتَنِي ... قَدِّي فملْتَ ولا كَمَيْلِ غصُونِ

وإذا بَدَا فالبدرُ قال ظَلَمْتَنِي ... وإذا رَنا قال الغَزالُ عُيُونِي

ألِفُ ابنُ مُقْلَةَ في الكتابةِ قَدُّهُ ... حاشَا فَعاذِلُه سَمَا باللِّينِ

والثَّغْرُ مِيمٌ كلُّنا صَادٍ له ... والصُّدْغُ مثلُ الواوِ في التَّحْسِينِ

وعلى الْجَبِينِ بِشَعْرِه سِينٌ بَدَتْ ... سلَب العُقولَ بطُرَّةٍ وجَبِينِ

قد أدْرَكتْ في الحُسْنِ غايتَه لذا ... حارَ ابنُ مُقْلَةَ عند تلك السِّينِ

والْعَيْنُ مثلُ العَيْنِ لكنْ هذه ... نَجْلاءُ فاقتْ عيْنَ حُورِ العِينِ

ولئن تبدَّتْ تلك مَن هي هذه ... كُحِلتْ بحُسْنِ وَقاحةٍ ومُجُونِ

سبحان مَن خلقَ العيونَ بقَوْلِ كُنْ ... فبدَتْ لسَلْبِ نُفوسِنا في الحِيْنِ

وتبادَرت أمْرَ الإله مُطِيعَةً ... فتكوَّنتْ في أحْسَنِ التَّكْوينِ

سُودٌ رُقودٌ ما كُحِلْنَ ولا بها ... وَسَنٌ فَيَدْعوها لِفعْلِ سُكُونِ

زُرْقٌ شُهِرْنَ وما ألَمَّ بِجَفْنِها ... نَوْمٌ ولكنْ قَصْدُها تَسْبينِي

يا لَلرِّجالِ ويا لَها مِن فِتْنةٍ ... كم أَوْقَفَتْنِي في مَواقِفَ هُونِ

حتى شَهِدْتُ بَديِعَ حِكْمةِ خالقٍ ... في وَضْعِ ذاك النَّقْطِ فَوْقَ النُّونِ

في ثَغْرِه شُهْدٌ وتحت شِفاهِهِ ... بَرَدٌ أكادُ أُذِيبُه بأنِينِي

وعلى الثَّنايا الدُّرُّ وَاشَغَفِي بها ... خَمْرٌ جَرَتْ من لُؤْلُؤٍ مَكْنُونِ

كم قيل إن شِئْتَ الدُّجَى فغَدائِري ... فاقتْ على حَلَكِ اللَّيالِي الْجُونِ

وإذا طلبْتَ البدرَ فانْظُر طَلْعتِي ... وإذا أرَدْتَ الصُّبْحَ فهْو جَبِينِي

وإذا أرَدْتَ الرَّوْضَ فهْو بوَجْنَتِي ... مُتَنضِّدٌ مُتناسِبُ التَّكْوينِ

يزْهُو بأبْيَضِه وأحْمَرِه لِذَا ... كم فيه من وَرْدٍ ومن نَسْرِينِ

أنا لا أُرِيدُ تَنَزُّهاً في روضةٍ ... حازتْ جميعَ الحُسْنِ بالتَّعْيينِ

بل إن بَدَا حِبِّي فحالِي أنني ... نَظَرِي إلى وَجْنَاتِه يكْفينِي

لاقَيْتُه يوماً فقال أَما تَرَى ... ظَبْيَ الْفَلاَ قد زاد في التَّفْنِينِ

والشَّمْسَ ظلَّتْ أن تُحاكِي فاسْتَمِعْ ... ما قد جرى منهم لقد ظَلَمُونِي

طمِع الغزالُ بأن يُعارِضَ مُقْلَتِي ... حاشَا وكلاَّ أن يكون قَرِيني

والغُصْنُ ظَنَّ بأن قَدِّي مِثْلُه ... والبردُ أيضاً رامَ أن يَحْكِينِي

فأجَبْتُ إن فَعَلاَ فقد فُضِحا ولا ... يَصِلان منك لِظَاهِرٍ وكَمِينِ

كَلاَّ فغَفْراً للذي فَعلا فلا ... يُؤْذِيك فِعْلُهما ولا يُؤْذِيني

فافْتَرَّ مُبْتسِماً وأوْعَد باللِّقا ... وَهْناً فقَرَّتْ باللقاءِ عُيُونِي

وثَنَى لنا عِطْفاً وجاد بوَصْلِهِ ... يوماً ولا ثِقَةً بوَعْدِ ضَنِينِ

اللهُ أكبرُ مِن قَساوةِ قَلْبِه ... أنَّى يَميلُ لِمُدْنَفٍ مِسْكِينِ

<<  <  ج: ص:  >  >>