وليت نَوْءَ الطَّرْفِ في رَوْضةٍ ... أنتَ بها رَغْماً لِنَوْءِ السِّماكِ
أسْقِي بها مَثْواكَ يا مُنْيتِي ... هل تُسْكَبُ العَبَراتُ إلا هُناكْ
يا ابْنَ الذبِيحَيْن وقد فُدِّيَا ... ليت جميعَ الخلْقِ كانوا فِدَاكْ
فما اسْتحقّ العَنْبَرُ الرّطبُ أن ... يُحرَق إلا حين حاكى ثَراكْ
ليت وُجوهاً لأعادِيكَ لو ... أمْسَتْ نِعالاً حَاجِباها شِرضاكْ
لم تَحْكِكَ السُّحْبُ ولا البَحْرُ في ... جُودٍ ولا فاز بما في لُهاكْ
فالبَرْقُ لم يَلْمعْ ولكنَّه ... يضْحَكُ من وَابِلِ غَيْثٍ حَكاكْ
وله:
أيُغْلَبُ من له الأَمْلاكُ جُنْدٌ ... ورَبُّ العَرْشِ قد أمْسَى مُعِينَا
وقَبْلَ جُيوشِه هُزِمَتْ قلوبٌ ... برُعْبٍ خِلْتَه سَبَق المَنُونَا
ولو ثَبَتُوا لَفَرَّ الْهامُ منهمْ ... وأرْوَاحٌ لهم كانتْ كَمِينَا
وله:
لِرَسُولِ الإلهِ أعْلَى مَقامٍ ... ليس يَدْرِي به جميعُ الْكَلامِ
وله هِمَّةٌ وعَزْمٌ رفيعٌ ... جَلَّ عن أن يُرْتَضَى بمِلْكِ الحُطامِ
فلذا لم يكُنْ له مِيراثٌ ... غيرَ شَرْعٍ وغيرَ عِلْمٍ سَامِي
لو تكون الدُّنْيا له مِيراثاً ... مِثْلَ ما كان في جميعِ الأنامِ
ما حَواهَا الصِّدِّيقُ في عَصَباتٍ ... وذَوِي الفَرْضِ من أُلِي الأرْحامِ
وهْو حَيٌّ في قَبْرِه ورسولٌ ... لم يُوَرِّثْ حَيّاً ذَوُو الأحْلامِ
فَدَكٌ قد قضَتْ عليْنا بهذا ... وحديثُ العَبَّاسِ والأعْلامِ
فادْرِ هذا فإنه جَوْهَرٌ قد ... حَفِظتْه خَزائنُ الأفْهامِ
لا يَغُرَّنَّك الذي قال قومٌ ... حين ضَلُّوا في مَهْمَهِ الأوْهامِ
ومن أخرى:
فالجِذْعُ حَنَّ وأنَّ مِن جَزَعٍ ... لِفِراقِ طه بَعْدَما خَطَبَا
وغَدا غِراساً في الجِنانِ له ... ثَمَرٌ يَطِيبُ بِمَنْهَلٍ عَذُبَا
والمُشرِكون قَسَتْ قلوبُهُم ... فطَغَوْا ولم يُصْغُوا لخيرٍ نَبَا
فغَدَوْا وهم خُشُبٌ مُسَنَّدةٌ ... ستَراهمُ لِجَهَنَّمٍ حَطَبَا
وله:
لِوَالِدَيْ طه مَقامٌ عَلاَ ... في جَنَّةِ الخُلْدِ ودارِ الثَّوَابْ
وقَطْرةٌ من فَضَلاتٍ له ... في الجَوْفِ تُنْجِي مِن ألِيمٍ العقابْ
فكيف أرْحامٌ له قد غَدَتْ ... حامِلةً تَصْلَى بنارِ العذابْ
وله:
رُواةُ حَدِيثِ المصطفَى قد دعَا لهمْ ... بنَضْرةِ وَجْهٍ في المَسَرَّةِ لا تُحَدّ
وإنِّيَ قِدْماً خادمٌ لحديثِهِ ... يَرَاعِي بمِحرابٍ الطُّرُوسْ له سَجَدْ
فحَاشاهُ أن يَرْضَى بذِلَّةِ عَبْدِهِ ... ويهْدِمَ بُنْياناً عليه قد اعْتَمَدْ
إليه اسْتِنادِي في جميعِ مَقاصِدِي ... وما خاب مَن كان الرسولُ له سَنَدْ
وله في قصة عامرٍ مع النبي صلى الله عليه وسلم وأربد:
يا خُلَّبَ الْبَرْقِ الذي ... كالنَّصْلِ قد قطَع العَلائِقْ
وَافَيْتَ أرْبَدَ بالرَّدَى ... للهِ دَرُّك أيّ بَارِقْ
ما ذاك أوَّلَ شائِمٍ ... لِلْبَرْقِ أرْدَتْهُ الصَّواعِقْ
وله:
بِمَسِّ أقْدامِ النَّبِيِّ قد حَوَتْ ... طَيْبَةُ فخراً حَلَّ في أرْجائِهَا
أَخَالُها مذ فَنِيَتْ بحُبِّهِ ... صَانَتْه لِلْغَيْرةِ في أحْشائِهَا
وله مضمناً:
وقالوا حَلَتْ بئرٌ بِرِيقِ مُحمَّدٍ ... وكم عاد صَخْرٌ بعد ما مَسَّه رَطْبَا
ولو نال ماءُ البحرِ من فِيهِ قَطْرةً ... لأصْبَحَ ماءُ البحرِ مِن رِيقِه عَذْبَا
لمجنون ليلى: