ولو تفلَتْ في البحرِ والبحرُ مالحٌ ... لأصبحَ ماءُ البحرِ مِن رِيقِها عَذْبَا
وله:
ما زَلْزَلَةٌ لها سقوطُ الإِيوانْ ... إذْ حان قُدُومُ فَخْرِ نوعِ الإنْسانْ
إلاّ لِمَسَرَّةٍ تَهُزُّ الأكْوانْ ... إذْ بَشَّرها به اخْتِلاجُ الأعْيانْ
وله:
طه كَمُلَتْ صِفاتُه والخلُقُ ... مُذْ زُيِّن في الوجودِ له النَّسَقُ
بحرٌ عَذُبَتْ مَوارِدُ الشُّرْبِ به ... لولاه لَما اسْتُخْرِج منه العَلَقُ
وله:
نِيرانُ فارسَ انْطَفَتْ لمّا بَدَتْ ... بُشْرَى النُّبُوَّةِ ساطِعاً بُرْهانُهَا
سجَدتْ لِنِيرانِ المَجُوسِ عِصابةٌ ... سجَدتْ لأنْوارِ الهُدَى نِيرانُهَا
وله:
لَعَمْرُكَ جَبْهَةُ خيرِ الورَى ... جِراحَتُها آيةٌ للبشَرْ
أرانا لها اللهُ حتى نَرَى ... بها كيف كان انْشِقاقُ القَمَرْ
وله:
قَصَرْتُ مَدائِحِي والقَصْرُ مِنِّي ... على طه وما لِلْقَصْرِ مَدُّ
إذا كان الثَّناءُ له جميلاً ... هو الْحَمْدُ الذي في العُرْفِ حَدُّوا
ولم يُرَ منه أجْمَلُ طَرْف عَيْنٍ ... فليس بِلائِقٍ لِسِوَاه حَمْدُ
وله:
خَلِيليَّ مُرَّا بِي على طَيْبَةَ التي ... بها مَضْجَعُ المُختارِ طه المُقَرَّبُ
يفُوق ذَكِيَّ المِسْكِ عَرْفُ تُرابِها ... فمِن شَمْسِه نادأك صَلِّ عَلَى النَّبِي
ألَمْ تَرَ أنِّي كُلَّما جِئْتُ طارِقاً ... وَجَدْتُ بها طِيباً وإن لم تَطَيَّبِ
وله:
لَعَمْرُكَ ما قلبُ النَّبِيِّ غَفَا ولاَ ... عيونٌ له في ظُلْمةِ الليلِ رَاقِدَهْ
تَهجَّدتِ الأجْفانُ في ظُلْمةِ الدُّجى ... فبانتْ بِمحْرابِ الحَواجِبِ ساجِدَهْ
وله في وصف الصحابة مضمناً:
يُكبِّرُون إذا خاضُوا بُحُورَ رَدىً ... وما لَهُمْ عن حِياضِ المَوْتِ تَهْلِيلُ
حياض: جمع حوض، وحياض الموت: المنية، استعارة منه، والتهليل: الانهزام والتكذيب، قال:
أمْضَى وأعْنَى في اللِّقاءِ لَقِيتَهُ ... وأقَلُّ تَهْلِيلاً إذا ما أُحْجِمَا
ومن لطائف المتأخرين:
هَلُمَّ لوَصْلِ حَمَّامٍ بديعٍ ... يفُوق رُخامُه زَهْرَ الرِّياضِ
لِبُعْدِك ماؤُه ما طاب قَلْباً ... وأمْسَى من فِراقِك في الْحِياضِ
ومن تفاريق قصائده قوله:
على النَّهْرِ دِرْعٌ من نَسِيمٍ حَبابُهُ ... له حَلَقٌ لمَّا رَمى وَبْلُه نَبْلاَ
تكِلُّ سيوفُ الهندِ في لَحْظِ مُنْيَتِي ... فتعْذُب والتَّعْذِيبُ في السيفِ إن كَلاَّ
منها:
إذا طالَبْتنِي بالحُتُوفِ عَزائِمي ... أُماطِلُها حتى أُلاقِي لها أهْلاَ
فيقْضِي اصْطِبارِي كلَّ دَيْنٍ على المُنَى ... قضاءَ مَلِيٍ لم يكنْ يعرفُ المَطْلاَ
وإن صِرْتُ حِلْسَ الدَّارِ رِزْقِي يزُورُني ... فأصْطاد ما تَهْوَى الأمانِي من المِقْلاَ
وقوله من قصيدة أولها:
بِتُّ أرْعَى النجومَ والإلْفُ رَاقِدْ ... هل سميرُ الشِّهابِ غيرُ الفَراقِدْ
منها:
كلُّ زَرْعٍ زَرَعْتُه في شبابِي ... فله مِنْجَلُ انْحِنائِيَ حَاصِدْ
أنا في الأرْضِ ضاربٌ كلَّ كَسْبٍ ... مِثْلَ ضَرْبٍ لِواحدِ في وَاحِدْ
منها:
وبجِيدِ الأيامِ عند تَصابٍ ... ليس غير الكُؤُوسِ فيها فَرائِدْ
وقوله:
وسَفْرِ مُنىً جازتْ بعَزْمِي ومالَها ... قناطرُ إلاَّ العِيسَ في أبْحُرِ الآلِ
عَبَرْتُ بها دَاراً مُحِيلاً رُسُومُه ... ألَحَّ عليه كُلُّ أسْحَمَ هَطَّالِ
إلى كعبةٍ أمْسَتْ تُزارُ ولم تَزُرْ ... يطُوف رجائي حولَها مُنْذُ أحْوالِ
أقُول لها لمَّا تبَّدى لناظِرِي ... تَمِيسُ عُلاهُ لي مَلابِسِ إجْلالِ