أتيْتُك من كلِّ الوسائِلِ مُحْرِماً ... وألْبَسْتُ وَجْهَ الأرضِ سابِغَ أذْيالِ
وقوله:
وخِدْنٍ يرُوق الطَّرْفَ وَضَّاحُ وَجْهِهِ ... وقد تَرْجَمتْ باليُمنِ عنه قَوابلُهْ
إذا غَصَّ بالسُّؤَّالِ نَادٍ يحُلُّه ... يَسُوغُ بماءِ الجُودِ يصْفُو مُسائِلُهْ
وإن نَحَلتْ أقْلامُه لاشْتياقِها ... إليه حَنَتْ منه عليها أنامِلُهْ
ويُزْهِر وَجْهُ الشمسِ غِبَّ لقائِه ... وتصْفَرُّ من خوفِ الفِراقِ أَصائِلُهْ
فإن صَدَّنِي عنك الزمانُ لحادثٍ ... فأيْن من الغَرْقانِ في البحرِ ساحِلُهْ
فإنك شمسٌ لا تُرَى السُّحْبُ عندها ... فلا تُنْكِرَنْ إن لم يَلُحْ ثَمَّ آفِلُهْ
وقوله:
خَدُّ الربيع من الحَياءِ تَوَرَّدَا ... خَجَلاً لِمَا أهْدَى إليه من النَّدَى
وبَنَفْسَجُ الكُثْبانِ أطْرقَ رأسُه ... لَّما رأَى صُدْغَ الحبيبِ تجعَّدَا
وأرى الخريفَ اشْتَمَّ أنْفاسَ الشِّتَأ ... فاصْفَرَّ مِنه خِيفَةً لمَّا بَدا
ورأَى جيوشَ سُيُولِه قد أقْبلَتْ ... وعليه حُلَّةَ سُنْدُسٍ فتَجَرَّدَا
والسُّحْب تنْثُر لُؤْلُؤاً وغُصونُه ... بأَكُفِّ أوراقٍ تُفَرِّقُ عَسْجَدَأ
والنَّجْمُ كحَّلَه الظلامُ بإثْمِدٍ ... مُذْ خالَه في الجَوِّ طَرْفاً أرْمَدَا
رَوضٌ تبَسَّم للوُفودِ بمَبْسَمٍ ... للرَّوضِ عَذْبِ المُجْتَنَى والمُجْتَدَى
ما ذَاقَ فيه السُّهْدَ إلاَّ ناظِرٌ ... للنَّرْجِسِ الغَضِّ الشَّهِيِّ تَسَهَّدَا
وقوله من غزلية:
مُذ سَبانِي بدرٌ بقلبي مُقِيمٌ ... صار جسْمِي كخَصْرِه في المِحَاقِ
حاكمٌ جُنْدُه المِلاحُ جميعاً ... ذُو لِواءٍ من شَعْرِه الخَفَّاقِ
جامعٌ رِقَّةَ الحجازِ وسْحْرَ الشَّ ... امِ حُسْناً في سِلْكِ لُطْفِ العِراقِ
سرَق الغُصْنُ لِنَهُ فلهذا ... لَزِمَتْهُ جِنايَةُ السُّرَّاقِ
قام في جَنَّةِ الرِّياضِ بكأسٍ ... فأباح المُدامَ بين الرِّفاقِ
بثلاثٍ مِنهُنَّ طَلَّق هَمِّى ... دون ما رَجْعَةٍ لذاك الطَّلاقِ
في مجالٍ كالخَصْرِ فيه اخْتِصارٌ ... دارَ فيه النُّدْمانُ مِثْلَ النِّطاقِ
ذُو عيونٍ لأجْلِها النَّرْجِسُ الغَضُّ ... اصْفَرَّ وأمْسَى من جُمْلةِ العُشَّاقِ
ما رَثَتْ في الهوى لِسائِل دَمْعِي ... تحسَبُ الدَّمْعَ خِلْقَةً في المَآقِي
وقوله:
قامتْ تجُرُّ ذُيولَ التِّيهِ والجَدَلِ ... ووَجْنَةُ الشَّفَقِ احْمَرَّتْ من الخَجَلِ
خَمِيلةٌ بثِمارِ الحَلْيِ مُثْقَلةٌ ... زُهورُها ما جَنَتْها رَاحةُ الأمَلِ
تَسِيرُ رُسْلُ الصَّبَا تَرْتادُها سَحَراً ... في الْحَيِّ تعْثُر بين البِيضِ والأَسَلِ
صَباً على سُقْمِها يُشْفَى السَّقامُ بها ... ورُبما صَحَّتِ الأجْسامُ بالعِلَلِ
تخافُ تَجْرَحُ وَجْناتِ الحبيبِ لِذَا ... تخُوض مِن عَرَقِ الأنْداءِ في بَلَلِ
وقوله:
أتاركُ قلبي في لَظَى الوَجْدِ مَجْمَرَا ... وطِيبَ ثَناءٍ فوقه فَاح عَنْبَرَا
ترفَّقْ فما ابْيَضَّتْ دموعِي بعدَكُمْ ... ولكنَّها شَابَتْ وصبرِي تعَذَّرَا
فيَوْمِي كأيَّامِ القيامةِ طُولُه ... وأرْضِيَ أمْسَتْ لْلأعادِي مَحْشَرَا
منها:
وغُصْن قَوامٍ كلُّ غُصْنٍ لحُسْنِه ... بأوْراقِه من خَجْلةٍ قد تَسَتَّرا
وعَيْن له قد أهْدَتِ السُّقْمَ والهوَى ... فأهْدَى إلى أجْفانِها طَرْفِيَ الْكَرَى
من مديحها: