للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا طَرَّزَ القِرْطاسَ وَشْيُ بنَانِهِ ... تعَشَّق منه الطَّرْفُ خَدّاً مُعَذَّرَا

وما كان لَوْنُ التِّبْرِ أصْفَرَ إنَّما ... لِخَوْف نَداهُ بالنَّدَى صار أصْفَرَا

وقوله:

مَسِيلُ الصبحِ طَمَّ على الكواكبْ ... وقد ظمِئتْ إلى السَّيْرِ النَّجائِبْ

تقلَّص ذَيْلُ عَزْمِك في مَسِيرٍ ... له طَيْفُ العُلَى خِدْنٌ مُصاحِبْ

بِوَرْيٍ أعْوجِيٍ قَبَّلَتْهُ ... بغُرَّتِهِ الأهِلَّةُ والكواكبْ

جَرَتْ مِن خَلْفِهِ النَّسماتُ حتى ... سَرَتْ مُعْتلةً فيه الجَنائِبْ

عليه مِن لَيالِ الوصلِ بُرْدٌ ... وقد أهْدَتْ له الغِيدُ الذَّوائِبْ

إذا ما خَبَّ خِلْتَ الطَّيْفَ وَافَى ... لِجُنْحِ الليلِ مِن خَوْفِ المُراقِبْ

مَعارِفُه كأهْدابٍ تَبدَّتْ ... لِوَجْه الأرْضِ تَدْنُو كالْمَراقِبْ

عَلاهُ مُحدِّثٌ قد جَلَّ عنه ... لجارِيه تمائمُ في التَّرائِبْ

بعَزْمٍ يَفْرَقُ الهِنْدِيُّ منه ... مَضَاءً قصَّرتْ عنه القَواضِبْ

ورَأْيٍ زَفَّ بِكْرَ الفكرِ يَزْهُو ... لِتخْطُبهَا المَعالِي والمراتِبْ

وقوله:

وباسِلِ نارٍ عَزْمُه تَقِدُ ... كأنما حُمَّ خَوْفَه الأسَدُ

أخْلاَقُه للنَّدِيمِ ضامِنَةٌ ... أن يُنْجِزَ الْجُودَ قبلَ ما يَعِدُ

تنْقُل عنه الكرامُ مَأْثُرَةً ... حَدِيثُ عَلْيائِه لها سَنَدُ

وقوله:

زاد خَطُّ العِذارِ في الخَدِّ حُسْنَا ... فهْو حَرْفٌ قد جاء فيه لِمَعْنَى

كلَّ حِينٍ داعِي الغرام يُنادِي ... رَحِمَ اللهُ كلَّ قلبٍ مُعَنَّى

قُمْ خَلِيلِي نَبْكِي الديارَ سُحَيْراً ... لا يكونُ الحَمَامُ أطْربَ مِنَّا

لا تَلُمْنِي إن ساء فيك ظُنونِي ... كُلُّ مَن ضَنَّ بالأحِبَّةِ ظَنَّا

كم حَبِيبٍ إذا أردْتُ سُلُوّاً ... عنه قال الدَّلالُ مَهْلاً تأَنَّى

وبَناتُ القلوب مُعْتِذراتٌ ... شافِعاتٌ له إذا الليلُ جَنَّا

مُذْنِبٌ ليس يقْبَل العُذْرَ مِنِّي ... وإذا ما جَنَى عليَّ تجَنَّى

كلُّ صَدٍ إن لم يكنْ عن مَلالٍ ... فهْو وَصْلٌ به الرَّقِيبُ تَعَنَّى

إنما القلبُ دَارُه وهَواهُ ... دَاخِلٌ فيه ليس يطلُب إذْنَا

عَلَّموا حَظِّيَ الصُّدودَ فَوَلَّى ... واخْتَفيْنَا فالهَجْرُ يسألُ عَنَّا

لم تَذُقْ قَطْرةً من الوصلِ حِيناً ... وشَرِبْنَا الوِصالَ دَنّاً فَدَنَّا

مِن قَضيبٍ يَميسُ في الرَّوْضِ تِيهاً ... لِيُرِي الغُصْنَ كَيْفَما يَتَثَنَّى

أسْمَرُ الْقَدِّ منه ينْهزِم اللَّوْ ... مُ إذا جاد في الصَّبابةِ طَعْنَا

وأرى المَنْزِلَ الخَرابَ إذا ما ... حَلَّ فيه الأحْبابُ رَوْضاً أغَنَّا

وله، وهو معنىً بديع، في دعوة ضيف كريم:

مَوْلايَ دارِي والذي قد حَوَتْ ... نَبْتٌ زَهَا من صَوْبِ أمْطارِهْ

وإنَّني عَبْدٌ له حارسٌ ... بشُكْرِهِ رَوْضةَ آثارِهْ

إذا دَعَوْناه لأجل القِرَى ... وأشْرَقتْ داري بأنْوارِهْ

قالُوا طُفَيْليّاً عجِبْنَا له ... يُضيفُ رَبَّ الدارِ في دَارِهْ

قال: وكمت قلته لما أعجبني قول إبراهيم بن المدبر، الذي أنشده له في الأغاني:

سيِّدي كلُّ نِعْمةٍ هي عندي ... فهْي بعضٌ مِن فَيْضِ تلك الأيادِي

فإذا زُرْتَنِي فإنِّي ضَيْفٌ ... سَاكِنٌ مِن ذَراكَ أكْرَمَ نَادِي

فيَظُنُّونِيَ الطُّفَيْليَّ لَوْلاَ ... إرْثُ دَارِي مِن سالِفِ الأجْدادِ

وله في معنى قول كثير عزة:

<<  <  ج: ص:  >  >>