للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَئِنْ ساءَني أن نِلْتنِي بِمَسَبَّةٍ ... لقد سَرَّنِي أنِّي خَطَرْتُ ببالِكِ

يسُرُّنِي شَتْمُك إذْ كنتُ قد ... خَطَرْتُ في بَالِكَ دون اشْتِباهْ

يحلُوا لِيَ الشَّتْمُ إذْ مَرَّ لِي ... اسمٌ على عَذْبِ اللَّمَى والشِّفَاهْ

إن ذكَرَ اسْمِي لَذَّ لي ذِكْرُه ... كأنني قبَّلتُ بالوَهْمِ فَاهْ

فيه لطف؛ لأنه يمكن أن يخرج على أن في اسمه حرفاً شفوياً، وكذا في لقبه.

وقد استعمله ابن جرير، وكان اسمه محمداً، حيث قال:

أنا في غَيْرةٍ عليْك من اسْمِي ... إنَّه دائِماً يُقبِّل فاكَا

وله في قول بعض معتزلة النحاة: عدل عمر تقديري، يريد غير محقق:

بِنُورِ المعاني أشْرَق اللفظُ فاكْتَسَى ... بثَوْبَيْهِ من حُسْنٍ بَديعٍ بلا زُورِ

ففي عُمَرٍ من عالمِ الذَّرِّ عَدْلُه ... إلى اسْمٍ سَرَى من أجْلِ ذا قيل تَقْدِيري

ومَن قال ذا التَّقدير غيرُ مُحَقَّقٍ ... فقد سار في ظَلْمَاءِ جهلِ بلا نُورِ

وله:

زمانُ السُّوءِ إن وَافَى بِرَيْبٍ ... صديقك والقريبُ له يَذِلُّ

شَكَتْ رُسْلَ المنايا لِي طُيورٌ ... جَوارِحُ للسَّماءِ تظَلُّ تَعْلُو

فقلتُ سَلُوا الْقَوَادِمَ والخَوافِي ... فلَوْلا رِيشُها ما طال نَبْلُ

هذا كقول الأرجاني:

يُعْطِينَ قتْلاها النُّسور جَوائِزاً ... إذْ كُنَّ طِرْنَ بما كَسَتْهُ الأنْسُرُ

وله:

أتَدْرِي السَّواقِي ما تقولُ وقد غدتْ ... تدُورُ وتَسْقي حين تعلُو وتنْزِلُ

تقول لك المَمْلُوءُ يعْلُو وكلُّ ما ... تضَرَّع تَلْقاهُ مَدَى الدهرِ يسْفُلُ

تُريدُ الورى تهْوَى الغَنِيَّ ولم تزَلْ ... تُعادِي فقيراً ما عليه مُعَوَّلُ

فلا تُظْهِرَنَّ الفقْرَ ما دُمْتَ بينهم ... وأظْهِرْ غنىً عنهم فذلك أجْمَلُ

وله:

قد رأيْنا الملوكَ إن سار جيشٌ ... كثَّبُوا الكُثْبَ في الفَلا المطْرُوقِ

فلذا سَنَّمُوا الترابَ على مَن ... ماتَ رَمْزاً لِفَهْم معنىً دقيقِ

إن جيشَ الخُطُوب سار وهذِي ... سلبُه فاسْلكُوا سَواءَ الطَّرِيقِ

وله:

مُذ فُتِحَتْ أبوابُ نادي العُلَى ... فَتْحَ المُلاقِي لمعالِيهِ

ما صَرَّت الأبوابُ بل رَحَّبتْ ... على مُرَجٍ لأيادِيهِ

كذلك الأقلامُ في طِرْسِهِ ... صَرِيرُها شكرُ أَيادِيهِ

والماء يشكُ، بخريرٍ له ... فِراقَه رَوْضةَ نَادِيهِ

وله:

يا حبَّذا نادٍ لنا ... حُفَّ بأُنْسٍ وطَرَبْ

وخمرةٌ في كأسِها ... يلعبُ بالنَّرْدِ الْحَبَبْ

فُصوص ألْماسٍ على ... بِساطِ خَزٍ وذَهَبْ

وله:

سَبَح الحبيبُ بِبرْكةٍ ... والقلبُ من وَلَهٍ يطيرُ

فخشِيتُ من ماءِ اللَّطا ... فةِ فيه يشْربُه الغَدِيرُ

وتَشابُه الماءِ الرقي ... قِ وجسمِه التَّرِفِ النَّضِيرِ

لولا الذَّوائبُ لم يكنْ ... للنَّاظرين به شُعورُ

وله:

ما أقْصَرَ الليلَ الذي ... كحَّل أنْوارَ الحَدَقْ

عانْقتُ فيه غُصُناً ... مِن حُلَلٍ فيه وَرَقْ

إذ هَمَّ ثَغْرُ الصبحِ أنْ ... يُقَبِّلَنْ خَدَّ الشَّفَقْ

ومما لا ينقضي منه الإعجاب، قوله من قصيدة:

مَرَرْتُ على رَبْعِ الأحِبَّةِ دارِساً ... ففَاح به عَرْفُ الحديثِ المُتَمَّمِ

وذكَّرنا عهدَ الصَّبابةِ والصِّبا ... هَدِيلُ حَمْامٍ في الرُّبَى مُترنِّمِ

فقلتُ لِخِلِّي عُجْ بنا ساعةً عسى ... يُحدِّثنا رَسْمُ الهوى المُتقدِّمِ

فعُجْنَا له عَطْفاً على موضعٍ به ... هَوانا فكان العَطْفُ عطفَ تَوهُّمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>