للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعطف التوهم معروفٌ عند النحاة، وهو أن يجري في موضعٍ إعرابان، فيعرب بأحدهما، ويعطف عليه باعتبار الآخر، كما في قول الأخوص الرياحي:

بَدَا لِيَ أنِّي لَسْتُ مُدْرِكَ ما مَضَى ... ولا سابقٍ شيئاً إذا كان جَائيَا

فإن لست يجر خبرها بالباء الزائدة كثيراً، فإذا نصب قد يعطف عليه مجرور نظراً إلى حالته الأخرى.

وأما عطف المنصوب على المجرور، فهو العطف على الموضع، وإياه عنى محاسن الشواء، في قوله:

هَاتِيكَ يا صاحِ رُبَا لَعْلَعِ ... نَاشَدْتُك الله فعَرِّجْ مَعِي

وانْزِلْ بنا بين بُيوتِ النَّقَا ... فإنها آهِلَةُ المَرْبَعِ

حتى نُطِيلَ اليوم وَقْفاً على السَّ ... اكِنِ أو عَطْفاً على المَوْضِعِ

وهذه مقطعات له، على حروف المعجم:

مَدْحٌ بوَجْهِ كُدْيَةٍ ... فيها كَمِينٌ لِلرَّجاءْ

مِثْلُ المُرَقْرِقِ في الصَّبُو ... حِ يُسِرُّ حَسْواً في ارْتغاءْ

فيه مثلان قديمان.

وله:

يشْتكي الخَصْرُ رِدْفَه كلَّ حِينٍ ... وأنِينِي يشْكُو من الرُّقَباءِ

فكِلانَا في حالَتَيْه مُعَنَّى ... ذا عَياءٍ يشْكُو من الثُّقَلاءِ

وله:

لَئِن نكَسَّ الدهرُ حَظِّي فلِي ... لطَائفُ في الغَيْبِ تُحْيِي الرَّجَاءْ

فرُبَّ شِهابٍ إذا نَكَّسُوه ... يَزِيدُ اشْتعالاً ويعْلُو سَنَاءْ

وله:

قال لي الأيْرُ لا أُهَنِّيك إن ... زارَك مَن قد هَويتَ في الظَّلْماءِ

وأنَا منك لا يُهَنِّىءُ عُضْوٌ ... بالمَسَرَّاتِ سائرَ الأعْضاءِ

وله:

لا يكذبُ العاقلُ ما ... أمْكنَهُ صِدْقٌ يجبْ

ففي المَعارِيضِ له ... مَنْدُوحةٌ عن الكَذِبْ

وله:

وبلدةٍ سُكَّانُها في لَظَى ... في الصَّيْفِ من حَرٍ لها ناصِبِ

ترى بها الماشي بُعَيْدَ الضُّحَى ... مُنْتعِلاً نَعْلَ أبِي طالبِ

يشير إلى ما ذكر أهل السير، من أن أبا طالبٍ لم يهتد للإيمان، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في جواره، ولو أسلم لم يقبلوا جواره.

ولما قالوا له: إن أبا طالبٍ كان يحبك ويحيك فهل ينفعه ذلك؟ قال: " يخفف عنه فجعل له نعلٌ من نارٍ يغلي منه دماغه ".

رواه مسلم.

وله:

إذا شاب شَعْرُ المَرْءِ قَلَّ سُرورُه ... وزَارتْه مِن وَفْدِ الهمومِ المَصائبُ

وشَابَ قَذَى الأكْدارِ صَفْوَ حَياتِهِ ... فمِن أجْلِ هذا قِيل للمَرْءِ شائبُ

وله:

قد تسْتوِي في الحَرَكات الورَى ... لكنْ لَدَى السَّبْقِ تَبِينُ الرُّتَبْ

كم طار صَقْرٌ وغُرابٌ مَعاً ... لكنَّ ذا صَادَ وهذا هَرَبْ

وله:

قد خاب مَن كان في مُناهُ ... مُقصِّرَ الجِدَّ في الطِّلابِ

فلا يَلُمْ غيرَ نَفْسِه مَن ... قد أرْسَل الْبَازَ في ضَبابِ

وله:

ظَنَنْتُ الصَّبا لَمَّا على النهرِ قد جَرَتْ ... وعَكْسُ ذُكاءٍ لاح فيه لِمُرْتَقِبْ

شِباكاً بها صار النَّسيم غَزالةً ... ألَسْتَ تَراها دائماً فيه تضْطَرِبْ

وله:

على خَدِّه مُذْ لاح نَبْتُ عِذارِهِ ... جرَتْ أدْمُعِي في الخدِّ ذاتَ صَبيبِ

إذا ما اسْتدارتْ دَارَةُ البَدْرِ حَوْلَه ... فإنَّ وُقوعَ القَطْرِ غيرُ عَجِيبِ

وله:

لَحَى اللهُ أيَّاماً تُعادِي أُولِي النُّهَىوتُسْعِفُ لُؤْماً كلَّ غُفْلِ المَناقِبِ

تُقدِّم فيهنَّ الصِّغارَ كأنهم ... إذا ذُكرِوا عَقْدَ الْبَنانِ لِحَاسِبِ

وله:

إنما هذه الحياةُ مَنامٌ ... والأمانِي حُلْمٌ بها الْمَرْءُ صَبُّ

فلهذا تأْتِي على العكسِ مِمَّا ... كَرِهَ النَّاسُ دائماً وأحَبُّوا

وله:

كُنِ ابنَ وَقْتٍ حاضرٍ تَجْنِي هَنا ... ولا تفُكِّرْ في غَدٍ وما ذَهَبْ

<<  <  ج: ص:  >  >>