للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انْظُروا تَعْدِيلَ قاماتِ الغُصونِ ... هذه بَانَهْ وهذِي خَيْزُرانَهْ

وَحِّدُواالرحمنَ ذا العرشِ المجيدِ

وأمِيطُوا اللَّبْسَ من خَلْقٍ جَديدِ

وانْظُروا تَورِيدَ تُفَّاحِ الْخُدودِ

واعْجَبُوا مِن حُسْنِ تَلْوينِ العُيونِ ... تِلْكمُ حَانَهْ وهاتيكم كِنانَهْ

بِأَبي مُرُّ الجفَا بالدُّرِّ حَالِي

قَدْرُه قد حَطَّ مِن قَدْرِ العَوالِي

مَطْلبِي مِن ثَغْرِه كَنْزُ الَّلآلِي

رَصَّع المَرْجانَ بالدُّرِّ المَصُونِ ... كلّ مَرْجانَهْ بأعْلاَها جُمَانَهْ

حَبَّذا مَن خَلْقُه الغُصْنُ الْوَضِيُّ

حبَّذا مَن خُلْقُه الغَضُّ الرَّضِيُّ

حبَّذا مَن جِسْمُه الْبَضُّ الطَّرِيُّ

حَبَّذا منه وُعُودٌ مِن جُفونِ ... غيرِ خَوَّانَهْ مَوَدَّاتِ الأمانَهْ

أيُّها الَّلاحِي أما لِلْعَذْلِ عُذْرُ

سَلِّمِ الأمرَ فإن الأمرَ أمْرُ

ودَعِ الإنْكارَ فالإنكارُ نُكْرُ

كيف تلْحانِي على زَاهِي جَبِينِ ... قَدُّه زَانَهْ وفُوهُ أُقحُوانَهْ

كيف تَلْحَى فيه زَيْنَ الْعابِدينَا

كيف تَلْحَى فيه كَنْزَ الطَّالِبِينَا

كيف تَلْحَى فيه نَجْلَ الصَّادِقِينَا

إنما عَذْلُك قلبي في شُجُونِ ... مِثْلُ صَفْوانَهْ هَوَتْ من أُسْطُوانَهْ

أنا لي مَجْدٌ ولي جَدٌّ عَتِيقُ

ابنُ صِدِّيقٍ صَدُوقٌ وصَدِيقُ

ورَقِيقٌ أنا والشِّعْرُ رَقِيقُ

وجَوَارِي قُصَّدِي قُبُّ البُطونِ ... كلُّ خَمْصانَهْ بألْفَيْ بَهْرمانَهْ

وصلاةُ اللهِ والتَّسْليمُ تَتْرَى

لِلنَّبِيِّ المُجتبَى كَنْزاً وذُخْرَا

والرِّضَا عن صحبهِ دُنْيَا وأُخْرَى

مَن له اللهُ بجبريلَ الأمينِ ... زاد سُلطانَهْ وقَوى عُنْفُوَانَهْ

ومن مقاطيعه قوله:

لا تسألِ الناسَ مُعادَاتِهمْ ... إن كنتَ لا تَرْضَى مُعاداتِهمْ

وعِفَّ عن شُرْبِ شَراباتِهمْ ... مَن يسْألِ الناسَ شَراباً تُهِمْ

وله:

ولي حِلْمُ مَيّالٍ عن البَطْشِ قادرٍ ... على العَفْوِ لم يخطُر سِواه بِبَالِهِ

إذا سَمحتْ بالمالِ يوماً يَمِينُه ... أسَرَّ عَطايَا جُودِه عن شِمالِهِ

وقوله:

هي الألْحاظُ فاحْذَرْها وإلاَّ ... دَهَتْك بَوابِلِ النَّبْلِ الهَتُونِ

إذا قلتُ ارْحَمِينِي قال قلبي ... وهل في العِشْقِ يا أُمِّي ارْحمينِي

ومن أبياته المفردة:

الناس خوفَ الذُّلِّ في ذِلَّةٍ ... وخَشْيةَ أن يَتْعبُوا في تَعَبِ

وله:

الناسُ مثلُ الناسِ لكنَّهم ... طِباعُهم تُنْكرِها النَّاسُ

أحمد الوارثي الصديقي رأس حمله الحديث والفرقان، وشهاب الملة الذي لا يمكن أن يرى الفلك نظيره في ألف قران.

اشتهرت أحاديث فضائله فأصبحت رونق السير والأسمار، وظهرت أعلام علمه فلا تخفى إلا على أكمه لا يعرف الشموس والأقمار.

فكان له في الشهرة الفضل المقدم، وأقر له مع التأخر السابق الأقدم.

فرجع العلماء إليه رجوع الحديث إلى قتادة، وصدق الخبر الخبر فيما ألفه من الخير المحض واعتاده.

فلو تقدم عصره نزلت آي القرآن شواهد بفضله وآثاره، أو لحق الصديق الأكبر لقال: هذا وراثي بصدقه وإيثاره.

وهو من الأدب في مرتبة سنامه وكاهله، تحوم الآراء حول مراده فترتوي من مناهله.

وله نظمٌ ونثركما انتظمت الأنوار، بعد ما انتثرت عليها الأمطار، أو كما انتظمت الأطوار، بعد ما انتثرت من تشتت المآرب والأوطار.

فمن ذلك قوله:

ماذا تقولين فيمَن شَفَّه سَقَمٌ ... مِن فَرْطِ حبِّك حتى صار حَيْرانَا

قد لاَذَ في الحبِّ حتى صار مُكْتئباً ... والعشقُ أضْرَم فيه اليومَ نِيرانَا

هل يشْتفي منك بالثَّغْرِ الرَّحِيق إذاً ... أو تتْركيه على الأدْنانِ نَدْمانَا

وقوله:

وإنِّي لَصَبٌّ بالقوافِي ومَدْحِها ... ويبلُغ بي حَدَّ السرويرِ بَليغُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>