وأطْيَبُ أوْقاتي من الدهرِ ليلةٌ ... تُرِيع القوافِي خاطرِي وأُرِيعُهَأ
وكم بلَغتْ بي هِمَّتِي بُعْدَ غَايةٍ ... يَعِزُّ على الشِّعْرَى الْعبُورِ بُلُوغُهَا
فما سَرَّني إلاَّ كلامٌ أُسِيغُه ... بِمَسْمَع واعٍ أو مَعانٍ أَصُوغُهَا
وكتب إلى بعض وزراء مصر:
يا أيُّها المَوْلَى الوزيرُ ومَن له ... مِنَنٌ حَلَلْنَ من الزَّمانِ وَثاقِي
مَن شاكِرٌ عنَّي يدَيْك فإنَّنِي ... مِن عُظْمِ ما أوْلَيْتَ ضاق نِطاقِي
مِنَنٌ تَحِفُّ على يديْك وإنما ... ثَقُلَتْ مَواهِبُها على الأعْناقِ
وله فيمن اسمه بدر:
سَمَّوه بَدْراً وذاك لَمَّا ... أن فاقَ في حُسْنِه وتَمَّا
وأجْمَع الناسُ مذ رَأَوْهُ ... بأنَّهُ اسمٌ على مُسَمَّى
وله:
وكم للهِ مِن نِعَمٍ ... يعُمُّ الكونَ مَاطِرُهَا
تُذكِّرُنا أوائِلُها ... بما تُولِي أوَاخِرُهَا
وله:
رُمْتُ حالَ الوَصْلِ أنِّي ... لا أرَى للوصلِ آخِرْ
فَحُرِمْتُ الوصلَ رَأْساً ... زاد بي الوجدُ فَحاذِرْ
ولده: محمد إياسي الزكن، عريٌّ عن العي واللكن.
رحب ذرعه، ودل على كرم أصله فرعه.
فهو قريع فخامةٍ وجلالة، ووارث الفضل لا عن كلالة.
ويرجع مع الأصل الأصيل، إلى أدبٍ لوصفه في فن الفضائل تفريع وتأصيل.
وقد وقفت على ديوانه، الذي سماه نزهة الأبصار، وروض الأزهار، فجردت من أحاسن أبياته، ما استحسنته لتوشية الطروس بإثباته.
فمن ذلك قوله:
حبيبي في التَّلطُّفِ بي يُحاكِي ... مُطاوَعة الأَراكةِ للنَّسِيمِ
نديمٌ قد تملَّكني رَقِيقاً ... وإنِّي عبدُ رِقٍ للنَّدِيمِ
يُعاطِينِي الحديثَ وخَمْرَ ثَغْرٍ ... فَأسْكَر بالحديثِ وبالْقديمِ
وإن رام السُّلُوَّ فإن قلبي ... صحيحُ الوُدِّ في جَسَدٍ سقيمِ
أقمتُ بحُبِّه ومَضَى عَذُولِي ... فلا اجْتَمع المُسافِرُ بالمُقيمِ
وقوله في الغزل:
أُفَدِّي غزالي الذي غَزَا لِي ... بسَيْفِ لَحْظٍ وما رَثَى لِي
هَزَّتْه رِيحُ الصَّبا سُحَيراً ... فمَاسَ كالغُصْنِ في دَلالِ
وقام يجْلُو شمسَ الْحُمَيَّا ... من رِيقِ فِيهِ شُهْدِي حَلا لِي
وجاء يهْتزُّ مثلَ غُصْنٍ ... وقد سَقاني وقد مَلاَ لِي
فصرتُ أشكُو النَّوَى إليه ... وما نَوَى لي من المَلالِ
وقلتُ باللهِ يا حبيبي ... انْظُرْ لِحالِي قد صار حَالِي
يا بدرَ تِمٍ بأُفْقِ سَعْدٍ ... يا مُشْترِي القلبِ بالوِصالِ
حمَّلْتني في هواك ما لا ... أفْدِيك خِلِّي بكُلِّ مَالِي
ومُرْسَلُ الدمعِ سال فَيْضاً ... والقلبُ واللهِ ليس سَالِي
ومَقْصِدي أن أراك يوماً ... ماذا على الدهرِ لو صَفَا لِي
يا قامةَ الغُصْنِ في اعْتدالٍ ... يا طَلْعَة البدرِ في الكمالِ
لا عِشْتُ إن لم أكُنْ مُحِبّاً ... أحْفَظُ وُدِّي ولا أُبالِي
وأرْتضِي في هَواك هَتْكِي ... وأُنْفِقُ الرُّوَح ثم مَالِي
وله:
رُبَّ ساقٍ خَمْرةً مِن ثَغرِهِ ... وثَناياهُ كدُرٍ أو حَبَبْ
أوْرَثَ العقلَ خَبالاً عندما ... أن تَبدَّى لي بكأسٍ مِن ذَهَبْ
مَذْهبي فيه طِرازٌ مُذْهَبٌ ... واصْطبارِي في هَواه قد ذَهَبْ
لَيِّنُ الأعطافِ قَاسٍ قلبُه ... واللَّمَى يحْكِي ضَرِيباً أو ضَرَبْ
عَارِضاهُ أنْبتَبَا آساً وفي ... وَجْنتَيْهِ أصبحَ الوَرْدُ عَجَبْ
وقوله:
ألِفُ الْقَوامِ ولامُ عارضِ مَن سَبَا ... عقلي ومِيمُ الثَّغْرِ مَعْ صادِ المُقَلْ