للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلو قلت ما يُبْكِيك قلتُ كما قَضَتْ ... لَيالٍ وأيّامٌ تقضَّتْ أو انْقضَتْ

فسالتْ لنا من ذِكرِهنّ دموعُ

رعَى الُله عَيْشاً قد قطَعْناه غِرَّةً ... بدارٍ يُناغي طَيْرها القلب سُحْرَةً

أدِرْ خمرةً وأنْشِدْ لتُطْفِيءَ جَمرة ... ألا هل لنا عَوْدٌ من الدهر مَرَّةً

وهل إلى وَصْلِ البلادِ رُجوعُ

ومن خَرائِد مِدَحِه، وفرائدِ سُبَحِه، ما امتدح به حضرةَ الأخ العزيز، يعني أبا الْوَفَا

تراءتْ لعينِي وهْي بالشَّعْرِ تُحْجَبُ ... فخِلْتُ شُعاعَ الشمسِ يعلوه كوكبُ

مَهاةٌ رعَتْ حَبَّ القلوبِ فما لها ... تَرُوعُ نِفاراً وهْي للإنْسِ تُنْسَبُ

وكلَّمتِ الأحْشَا بمُوسَى لِحاظِها ... فأصبحتُ منها خائفاً أترقَّبُ

وعذَّب قلبي دَلُّها بنعِيمِها ... ولم أدْرِ أنِّي بالنعيم أُعَذَّبُ

وأبدلْتُ دمعَ العينِ في الخدِّ جوهراً ... ألم تَرَهُ بالهُدْبِ قد صار يُثْقَبُ

وبي ساحرُ الأجفانِ أمَّا قَوامُه ... فلَدْنٌ وأما ثَغرُه فهو كوكبُ

أعَدْ نَظَراً في خدِّه وعِذارِه ... ترى عَسْجداً باللازَوْرَدِ يُكَتَّبُ

فَوَجْنتُه والثغْرُ نارٌ وكوكبٌ ... وطَلْعَتُه والشَّعْر صبحٌ ومغربُ

كأن بها النِّسْرِينَ أقداحُ فِضةٍ ... بِتبْرِ المُحَيَّا للمُحَيَّا تُذَهِّبُ

كأن بها الرِّيحانَ نقش أناملٍ ... تُطرَّفُ بالِمسْكِ الذّكِي وتخضَبُ

كأن بها سَيْبَ الِمياه مَسائلٌ ... يُقرِّرُها العُرْضِيُّ والناسُ تكتُبُ

إمامٌ وأعْنِيه المُسمّى أبا الوفا ... على أنه في العلمِ بحرٌ يُشَعَّبُ

فَقِيٌه أُصُولِي مَنْطِقي مُتكلِّمٌ ... بَيانِي عَرُوضِيُّ وصُوفِيٌّ مُعْرِبُ

له الْبَاعُ في التفسيرِ ضاهَى ابنَ عاَدِلٍ ... وحيث روَى الأخبارَ تدْعوه يَحْصُبُ

إذا انْسابَ في تَقْريرِ نَصٍ تَرادَفتْ ... له فِكَرٌ كالوحْي أو هِيَ أقْربُ

أقام صلاةَ العلمِ في مسجدِ الذَّكا ... ومِنْبَرُه الإدْراكُ والفهمُ يَخْطُبُ

فصَانَ عن الجَهْليْن كُلَّ ثَنَّيةٍ ... وكيف يفوُهُ الجهلَ والعلمَ يطْلبُ

وما كلُّ مَن ألقَى النُّصُوصَ مُحقِّقٌ ... ولا مَن نَضَا سيفَ الدّرايةِ يضْرِبُ

جليلٌ له وَجْهٌ تهلَّل بالْحَيا ... كما انْهَلَّ من كَفَّيْه بالجُودِ صَيِّبُ

وغَيْثٌ له في كلِّ أُفْقٍِ مَواهِبٌ ... تكادُ بها الأرضُ الجَدِيبةُ تُخْصِبُ

أيا عالمَ الشَّهْبَاءِ يا كاملَ الورَى ... كما أنْت من كلِّ الكمالِ مُركَّبُ

لك الُله يا مولايَ من عالمٍ غَدَا ... يَلينُ ويَسْطو فهْو يُرْجَى ويُرْهَبُ

توفَّرْتَ جُوداً واسْتفضْتَ مَكارماً ... فأيْقَنْتُ أن الشُّهْبَ بالغَيْثِ تُسْكَبُ

وحرَّكْتَ من اسمِ المكارمِ ساكناً ... لأنك بالأفْعالِ للفضلِ تَنْصِبُ

سَجِيَّةُ آباءٍ كرامٍ وَرِثتْهَا ... وفِقْهٌ به للشافعيَّةِ مَذْهَبُ

ونَحْوٌ به للفارِسِيِّ تَرَجُّلٌ ... ونُطْقٌ به للمَنطقيٍّ تأدُّبُ

فدُمْ كاملَ العَلْيا فسَعْدُك مُشْرِقٌ ... وعَزْمُك منصورٌ وجَدُّك أغْلَبُ

وشَانيكَ مَفْقُودٌ وأنت مُؤيَّدٌ ... وبابُك مقصودٌ وأنت مُحَبَّبُ

ومما امْتدح به واسِطَة قِلادةِ العِلْم الشريف، المرحوم الشِّهابِيّ أحمد بن النّقِيب، طاب ثَراه:

<<  <  ج: ص:  >  >>