للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُمْ زَوِّجِ ابنَ غَمامٍ بنتَ زَرْجُونِ ... واجْعَلْ شُهودَك من وَرْدٍ ونِسْرِينِ

فخاطِبُ الطيرِ نادَى في مَنابرهِ ... حَيَّ على الرَّاحِ ما بين الرَّياحينِ

والرِّيحُ جرَّتْ على الأغصانِ إذ نصبتْ ... ذَيْلاً فأعْرَب عن مَدٍّ وعن لِين

والرَّوضُ زَفَّ عروسَ الزَّهْرِ في حُلَلٍ ... قد أُبْرِزتْ بين تَدْبيجٍ وتلْوينِ

والطَّلُّ يكتُب في طِرْسِ الرِّياضِ فهل ... أبْصَرْتََ خَطَّاً بلا حَدْس وتخْمينِ

فاستجلِ بِكْرَ مُدامٍ زانَها حَبَبٌ ... كَلُؤْلُؤٍ من نَفِيسِ الدُّرِّ مكْنُونِ

معْ غادةٍ لو بَدَا كافورُ مَبْسَمِها ... للشمسِ لاحْتجبتْ في عَنْبرِ الْجُونِ

قد رَفَّ ماءُ الْحَيا في نارِ وَجْنتِها ... كالوَرْدِ رُشَّ عليه ماءُ نِسْرينِ

تظلَّمتْ مُقلتاها وهْي ظالمةٌ ... فطَرْفُها فاتِنٌ في شكلِ مَفْتونِ

بِي غادةٌ قَدُّها كالزَّهْرِ في تَرَفٍ ... والبدرِ في شَرَفٍ والغُصْنِ في لينِ

سَنَّتْ لِحاظاً رأتْ قتلى فَرِيضتَها ... فمِتُّ منها بمفْروضٍ ومَسْنونِ

أرجو لِقاها وأخْشى صَدَّها أبداً ... فلم أزَلْ بين مسرورٍ ومَحزُونِ

يا نَسمْةً علَّلَتْ قلبي بصحَّتِها ... إذ حدّثتْ عن صَبَا جِيرانِ جَيْرونِ

ما للذي سلَبتْ عقلي محاسنُه ... أضْحَى يُحذَّرني من حيث يُغْرِينِي

وما لِبدرِ سَناءٍ فاق واضِحُهُ ... أضَلَّنِي بالذي قد كان يَهْدينِي

هَبْ أنكم قد نَصحتُم كيف أقْبلهُ ... والبُعْدُ يَقْتلني والقربُ يُحْيينِي

منها في المديح:

شهابُ أُفقِ سماءِ السُّحبِ تحسَبُه ... شُهْباً تُكَفُّ به أيدِي الشياطينِ

ومما امتدح به المنلا المدعو: بحاج حسين البَغدادِي، ّوهو رجل ذو ذَوق:

نَبَّهَ الوَسْنانَ تَغْريدُ الحمامْ ... في ذُرَى الدَّوْحِ وقد فاح الخُزامْ

ويَدُ الصبحِ من الأُفقِِ بَدتْ ... بِمياهِ الضوءِ في شكلِ الظَّلامْ

وروَى في الأَيْكِ أخبارَ الهوى ... بُلْبُلٌ عن عَنْدَليبٍ عن إمامْ

فيه أن العندليب هو البلبل، ولا معنى لرواية الشخص عن نفسه، إلا أن يُحمل على أشخاصِ نوعٍ واحد، روى بعضُها عن بعض، كما هو واقع في أشخاص النوع الإنسانِيّ.

ولَوى الظلُّ على خَدِّ الضُّحَى ... سالِفاً حامَ على الأصْداغِ سَامْ

وانْتضَى في الجوِّ سيفَ البَرقِ من ... غِمْدِه المَرْقوم من وَدَقِ الغَمامْ

فتَسايَرْ مَعْ نجومِ الصبحِ في ... فَلَكِ اللهوِ وخُذْ واعْطِ المُدامْ

لَهَفَتْ فهي هواءٌ وصفَتْ ... فهي ماءٌ أشعِلتْ فهْي ضِرَامْ

قابَلَ الساقي بها وَجْنَتَهُ ... ليُرِينَا أنها منها تُقامْ

يَقْرُب منه قولُ يزيد:

دَعَوتُ بماءٍ في إناءٍ فجاءَنِي ... غلامٌ بها صِرْفاً فأوْسَعْتُه زَجْرَا

فقال: هي الماءُ الْقَراحُ وإنما ... تجلّى له خَدِّي فأوْهَمك الخَمْرَا

وأحْسَنُ مِنه قولُ ديكُ الجِنِّ:

مُشَعْشَعٌَ مِن كَفِّ ظَبْيٍ كأنَّما ... تَناوَلها مِن خَدِّه فأدارَها

عجباً فيها قرأنا عبساً ... في احتساها وهي منّا في ابْتسامْ

من قول الناشِيء:

تأتيكَ ضاحكةً وأنتَ عبوسُ

وما أحسن ما ختم القصيدة بقوله في الدعاء للممدوح:

وابقَ ما الرّوضُ تلت أزهارُه ... سُورةَ الفَتْحِ على سَمْعِ الكِمامْ

قوله: " ولوى الظل " البيت من قول ابن النّبِيه:

تبسَّم ثَغْرُ الرَّوضِ عن شَنَبِ القَطْرِ ... ودَبَّ عِذارُ الظِّلِّ في وَجْنةِ النَّهْرِ

ومما امتدح به بعض البغداديين الأعيان:

أَلسُهْدِ عيني في الهوى إغْفاءُ ... أم هل لنارِ جَوانحِي إطْفاءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>