للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُمْ إِلَى الِاكْتِفَاءِ بِالرُّؤْيَةِ ; إِذْ رُؤْيَةُ الصَّالِحِينَ - بِلَا شَكٍّ - لَهَا أَثَرٌ عَظِيمٌ، فَكَيْفَ بِالصَّحَابَةِ مِنْهُمْ؟ ! كَمَا قِيلَ بِمِثْلِهِ فِي الصَّحَابِيِّ مِمَّا أَسْلَفْتُهُ فِي أَوَّلِ مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ. وَلَكِنْ قَيَّدَهُ ابْنُ حِبَّانَ بِكَوْنِهِ حِينَ رُؤْيَتِهِ إِيَّاهُ فِي سِنِّ مَنْ يَحْفَظُ عَنْهُ، كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ خَلَفِ بْنِ خَلِيفَةَ الَّذِي قَالَ الْبُخَارِيُّ فِيهِ: يُقَالُ: إِنَّهُ مَاتَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، وَهُوَ ابْنُ مِائَةِ سَنَةٍ وَسَنَةٍ. وَبِذَلِكَ جَزَمَ ابْنُ حِبَّانَ. وَقَالَ فِيهِ غَيْرُهُمَا: إِنَّهُ آخِرُ التَّابِعِينَ مَوْتًا ; حَيْثُ ذَكَرَهُ فِي أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ، وَسَاقَ بِسَنَدِهِ إِلَيْهِ قَالَ: كُنْتُ فِي حِجْرِ أَبِي إِذْ مَرَّ رَجُلٌ عَلَى بَغْلٍ أَوْ بَغْلَةٍ، فَقِيلَ: هَذَا عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ صَاحِبُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَقَالَ: لَمْ نُدْخِلْ خَلَفًا فِي التَّابِعِينَ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ رُؤْيَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ ; لِأَنَّهُ رَأَى عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ وَهُوَ صَبِيٌّ صَغِيرٌ لَمْ يَحْفَظْ عَنْهُ شَيْئًا، يَعْنِي فَإِنَّ عَمْرًا تُوُفِّيَ - كَمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ - فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ. وَأَدْخَلْنَا الْأَعْمَشَ فِيهِمْ، مَعَ أَنَّهُ إِنَّمَا رَأَى أَيْضًا فَقَطْ ; لِكَوْنِهِ حِينَ رُؤْيَتِهِ لِأَنَسٍ وَهُوَ بِوَاسِطٍ يَخْطُبُ كَانَ بَالِغًا يَعْقِلُ، بِحَيْثُ حَفِظَ مِنْهُ خُطْبَتَهُ، بَلْ حَفِظَ عَنْهُ حِينَ رَآهُ بِمَكَّةَ وَهُوَ يُصَلِّي عِنْدَ الْمَقَامِ أَحْرُفًا مَعْدُودَةً حَكَاهَا ; إِذْ لَيْسَ حُكْمُ الْبَالِغِ إِذَا رَأَى وَحَفِظَ كَحُكْمِ غَيْرِ الْبَالِغِ إِذَا رَأَى وَلَمْ يَحْفَظْ. انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>