الواثق عَلَيْهِ إِذا خلوا بِهِ
فسخط عَلَيْهِ الواثق وَقبض على أملاكه وضياعه وَأخذ مِنْهُ جملَة طائلة من المَال
ونفاه إِلَى جندي سَابُور وَذَلِكَ فِي سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
فَلَمَّا اعتل بالاستسقاء وَبلغ الشدَّة فِي مَرضه انفذ من يحضر بختيشوع
وَمَات الواثق قبل أَن يوافي بختيشوع
ثمَّ صلحت حَال بختيشوع بعد ذَلِك فِي أَيَّام المتَوَكل حَتَّى بلغ فِي الْجَلالَة والرفعة وَعظم الْمنزلَة وَحسن الْحَال وَكَثْرَة المَال وَكَمَال الْمُرُوءَة ومباراة الْخلَافَة فِي الزي واللباس وَالطّيب والفرش والصناعات والتفسيح والبذخ فِي النَّفَقَات مبلغا يفوق الْوَصْف فحسده المتَوَكل وَقبض عَلَيْهِ
ونقلت من بعض التواريخ أَن بختيشوع بن جِبْرَائِيل كَانَ عَظِيم الْمنزلَة عِنْد المتَوَكل
ثمَّ إِن بختيشوع أفرط فِي إدلاله عَلَيْهِ فنكبه وَقبض أملاكه وَوجه بِهِ إِلَى مَدِينَة السَّلَام
وَعرض للمتوكل بعد ذَلِك قولنج فَاسْتَحْضرهُ المتَوَكل وَاعْتذر إِلَيْهِ وعالجه وبرأ فانعم عَلَيْهِ وَرَضي عَنهُ وَأعَاد مَا كَانَ لَهُ
ثمَّ جرت على بختيشوع حِيلَة أُخْرَى فنكبه نكبة قبض فِيهَا جَمِيع أملاكه وَوجه بِهِ إِلَى الْبَصْرَة وَكَانَ سَببه الْحِيلَة عَلَيْهِ أَن عبد الله استكتب الْمُنْتَصر أَبَا الْعَبَّاس الحصيني وَكَانَ رديئا فاتفقا على قتل المتَوَكل واستخلاف الْمُنْتَصر
وَقَالَ بختيشوع للوزير كَيفَ استكتبت الْمُنْتَصر الحصيني وَأَنت تعرف رداءته فَظن عبد الله أَن بختيشوع قد وقف على التَّدْبِير
فَعرف الْوَزير مَا قَالَه لَهُ بختيشوع وَقَالَ أَنْتُم تعلمُونَ كَيفَ محبَّة بختيشوع لَهُ واحسب أَنه يبطل التَّدْبِير فَكيف الْحِيلَة فَقَالُوا للمنتصر إِذا سكر الْخَلِيفَة فخرق ثِيَابك ولوثها بِالدَّمِ وادخل إِلَيْهِ
فَإِذا قَالَ مَا هَذَا فَقل بختيشوع ضرب بيني وَبَين أخي فكاد أَن يقتل بَعْضنَا بَعْضًا
وَأَنا أَقُول يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ يبعد عَنْهُم
فَإِنَّهُ يَقُول افعلوا
فتنفيه فَإلَى أَن يسْأَل عَنهُ نَكُون قد فَرغْنَا من الْأَمر
فَفعل ذَلِك ونكب وَقتل المتَوَكل
وَلما اسْتخْلف المستعين رد بختيشوع إِلَى الْخدمَة وَأحسن إِلَيْهِ إحسانا كثيرا وَلما ورد الْأَمر إِلَى ابْن عبد الله مُحَمَّد بن الواثق وَهُوَ الْمُهْتَدي جرى على حَال المتَوَكل فِي أنسه بالأطباء وتقديمه إيَّاهُم وإحسانه إِلَيْهِم
وَكَانَ بختيشوع لطيف الْمحل من الْمُهْتَدي بِاللَّه
وشكا بختيشوع إِلَى الْمُهْتَدي مَا أَخذ مِنْهُ فِي أَيَّام المتَوَكل فَأمر بِأَن يدْخل إِلَى سَائِر الخزائن فَكل مَا اعْترف بِهِ فليرد إِلَيْهِ بِغَيْر استثمار وَلَا مُرَاجعَة
فَلم يبْق لَهُ شَيْء إِلَّا أَخذه وَأطلق لَهُ سَائِر مَا فَاتَهُ وحاطه كل الحياطة
وَورد على بختيشوع كتاب من صَاحبه بِمَدِينَة السَّلَام يصف فِيهِ أَن سُلَيْمَان بن عبد الله بن طَاهِر قد