واستخرج ماءها وَأمر بِأَن يقشر الْخَرْدَل وَيضْرب بِمَاء القرع
وَقَالَ إِن الْخَرْدَل فِي الدرجَة الرَّابِعَة من الْحَرَارَة والقرع فِي الدرجَة الرَّابِعَة من الرُّطُوبَة فيعتدلان فَكل شهوتك
وَبَات تِلْكَ اللَّيْلَة وَلم يحس بِشَيْء من الْأَذَى وَأصْبح كَذَلِك
فَأمر بِأَن يحمل إِلَيْهِ ثلثمِائة ألف دِرْهَم وَثَلَاثُونَ تختا من أَصْنَاف الثِّيَاب
وَقَالَ إِسْحَق بن عَليّ الرهاوي عَن عِيسَى بن ماسة قَالَ رَأَيْت بختيشوع بن جِبْرَائِيل وَقد اعتل فَأمر أَمِير الْمُؤمنِينَ المتَوَكل والمعتز أَن يعودهُ وَهُوَ إِذْ ذَاك ولي عهد
فعاده وَمَعَهُ مُحَمَّد بن عبد الله بن طَاهِر ووصيف التركي قَالَ وَأَخْبرنِي إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بِابْن الْمُدبر أَن المتَوَكل أَمر الْوَزير شفاها وَقَالَ لَهُ اكْتُبْ فِي ضيَاع بختيشوع فَإِنَّهَا ضياعي وملكي فَإِن مَحَله منا مَحل أَرْوَاحنَا من أبداننا
وَقَالَ عبيد الله بن جِبْرَائِيل بن عبيد الله بن بختيشوع هَذَا الْمَذْكُور مِمَّا يدل على منزلَة بختيشوع عِنْد المتَوَكل وانبساطه مَعَه قَالَ من ذَلِك مَا حَدثنَا بِهِ بعض شُيُوخنَا أَنه دخل بختيشوع يَوْمًا إِلَى المتَوَكل وَهُوَ جَالس على سدة فِي وسط دَار الْخَاصَّة فَجَلَسَ بختيشوع على عَادَته مَعَه على السدة وَكَانَ عَلَيْهِ دراعة ديباج رومي وَقد انفتق ذيلها قَلِيلا فَجعل المتَوَكل يحادث بختيشوع ويعبث بذلك الفتق حَتَّى بلغ إِلَى حد النيفق
وَدَار بَينهمَا كَلَام اقْتضى أَن سَأَلَ المتَوَكل بختيشوع بِمَاذَا تعلم أَن المشوش يحْتَاج إِلَى الشد والقيادة قَالَ إِذا بلغ فتق دراعة طبيبه إِلَى حد النيفق شددناه
فَضَحِك المتَوَكل حَتَّى اسْتلْقى على ظَهره وَأمر لَهُ فِي الْحَال بخلع سنية وَمَال جزيل
وَقَالَ أَبُو الريحان البيروني فِي كتاب الْجمَاهِر فِي الْجَوَاهِر أَن المتَوَكل جلس يَوْمًا لهدايا النيروز فَقدم إِلَيْهِ كل علق نَفِيس وكل ظريف فاخر
وَإِن طبيبه بختيشوع بن جِبْرَائِيل دخل وَكَانَ يأنس بِهِ فَقَالَ لَهُ مَا ترى فِي هَذَا الْيَوْم فَقَالَ مثل جرياشات الشحاذين إِذْ لَيْسَ قدر وَأَقْبل على مَا معي
ثمَّ أخرج من كمه درج أبنوس مضبب بِالذَّهَب وفتحه عَن حَرِير أَخْضَر انْكَشَفَ عَن ملعقة كَبِيرَة من جَوْهَر لمع مِنْهَا شهَاب ووضعها بَين يَدَيْهِ فَرَأى المتَوَكل مَا لَا عهد لَهُ بِمثلِهِ وَقَالَ