والفواكه واللخالخ والمشام الَّتِي فِيهَا اللفاح والبطيخ الْمُسْتَخْرج مَا فِيهَا المحشوة بالنمام والحماحم الْيَمَانِيّ الْمَعْمُول بِمَاء الْورْد والخلوق والكافور وَالشرَاب الْعَتِيق والزعفران الشّعْر
وَرَأى الْفَتْح غلمانا قد وكلوا بِتِلْكَ الطاقات مَعَ كل غُلَام مجمرة فِيهَا ند يسجره ويبخر بِهِ
وَالْبَيْت من دَاخله إِزَار من اسفيداج مخرم خروما صغَارًا لَا تبين تخرج مِنْهَا تِلْكَ الروائح الطّيبَة العجيبة إِلَى الْبَيْت
فَلَمَّا عَاد الْفَتْح وَشرح للمتوكل صُورَة مَا شَاهده كثر تعجبه مِنْهُ وحسد بختيشوع على مَا رَآهُ من نعْمَته وَكَمَال مروءته وَانْصَرف من دَاره قبل أَن يستتم يَوْمه
وَادّعى شَيْئا وجده من التياث بدنه وحقد عَلَيْهِ ذَلِك فنكبه بعد أَيَّام يسيرَة وَأخذ لَهُ مَالا كثيرا لَا يقدر
وَوجد لَهُ فِي جملَة كسوته أَرْبَعَة آلَاف سَرَاوِيل دبيقي سيتيزي فِي جَمِيعهَا تكك إبريسم أرميني
وَحضر الْحُسَيْن بن مخلد فختم على خزانته وَحمل إِلَى دَار المتَوَكل مَا صلح مِنْهَا وَبَاعَ شَيْئا كثيرا
وَبَقِي بعد ذَلِك حطب وفحم ونبيذ وتوابل فَاشْتَرَاهُ الْحُسَيْن بن مخلد بِسِتَّة آلَاف دِينَار
وَذكر أَنه بَاعَ من جملَته بمبلغ ثَمَانِيَة آلَاف دِينَار ثمَّ حسده حمدون ووشى إِلَى المتَوَكل
وبذل فِيمَا بَقِي فِي يَده مِمَّا ابتاعه سِتَّة آلَاف دِينَار
فَأُجِيب إِلَى ذَلِك وَسلم إِلَيْهِ فَبَاعَهُ بِأَكْثَرَ من الضعْف
وَكَانَ هَذَا فِي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ لِلْهِجْرَةِ
قَالَ فثيون الترجمان كَانَ المعتز بِاللَّه قد اعتل فِي أَيَّام المتَوَكل عِلّة من حرارة امْتنع مَعهَا من أَخذ شَيْء من الْأَدْوِيَة والأغذية
فشق ذَلِك على المتَوَكل كثيرا واغتم بِهِ
وَصَارَ إِلَيْهِ بختيشوع والأطباء عِنْده وَهُوَ على حَاله فِي الِامْتِنَاع فمازحه وحادثه فَأدْخل المعتز يَده فِي كم جُبَّة وشي يمَان مثقله كَانَت على بختيشوع وَقَالَ مَا أحسن هَذَا الثَّوْب فَقَالَ بختيشوع يَا سَيِّدي مَا لَهُ وَالله نَظِير فِي الْحسن وثمنه عَليّ ألف دِينَار فَكل لي تفاحتين وَخذ الْجُبَّة
فَدَعَا بتفاح فَأكل اثْنَتَيْنِ ثمَّ قَالَ لَهُ تحْتَاج يَا سَيِّدي الْجُبَّة إِلَى ثوب يكون مَعهَا وَعِنْدِي ثوب هُوَ أَخ لَهَا فَاشْرَبْ لي شربة سكنجبين وخذه
فَشرب شربة سكنجبين
وَوَافَقَ ذَلِك اندفاع طَبِيعَته فبرأ المعتز وَأخذ الْجُبَّة وَالثَّوْب وَصلح من مَرضه
فَكَانَ المتَوَكل يشْكر هَذَا الْفِعْل أبدا لبختيشوع
وَقَالَ ثَابت بن سِنَان بن ثَابت أَن المتَوَكل اشْتهى فِي بعض الْأَوْقَات الحارة أَن يَأْكُل مَعَ طَعَامه خردلا فَمَنعه الْأَطِبَّاء من ذَلِك لحدة مزاجه وحرارة كبده وغائلة الْخَرْدَل
فَقَالَ بختيشوع أَنا أطعمك إِيَّاه وَإِن ضرك عَليّ فَقَالَ افْعَل
فَأمر بإحضار قرعَة وَجعل عَلَيْهَا طينا وَتركهَا فِي تنور