الدِّرَايَة لَهَا
وَله تصانيف جليلة فِي صناعَة الطِّبّ
وَكَانَت أجداده فِي هَذِه الصِّنَاعَة كل مِنْهُم أوحد زَمَانه وعلامة وقته
ونقلت من كتاب عبيد الله ولد هَذَا الْمَذْكُور فِي أخباره عَن أَبِيه جِبْرَائِيل مَا هَذَا مِثَاله
قَالَ أَن جدي عبيد الله بن بختيشوع كَانَ متصرفا وَلما ولي المقتدر رَحْمَة الله عَلَيْهِ الْخلَافَة اسْتَكْتَبَهُ لحضرته وَبَقِي مُدَّة مديدة ثمَّ توفّي
وَخلف وَالِدي جِبْرَائِيل وأختا كَانَت مَعَه صغيرين
وأنفذ المقتدر لَيْلَة مَوته ثَمَانِينَ فراشا حمل الْمَوْجُود من رَحل وأثاث وآنية
وَبعد مواراته فِي الْقَبْر اختفت زَوجته وَكَانَت ابْنة إِنْسَان عَامل من أجلاء الْعمَّال يعرف بالحرسون
فَقبض على والدها بِسَبَبِهَا وَطلب مِنْهُ ودائع بنت بختيشوع وَأخذ مِنْهُ مَالا كثيرا وَمَات عقيب مصادرته
فَخرجت ابْنَته وَمَعَهَا وَلَدهَا جِبْرَائِيل وَأُخْته وهما صغيران إِلَى عكبراء مستترين من السُّلْطَان
وَاتفقَ أَنَّهَا تزوجت بِرَجُل طَبِيب وصرفت وَلَدهَا إِلَى عَم كَانَ لَهُ بدقوقاء وأقامت مُدَّة عِنْد ذَلِك الرجل وَمَاتَتْ وَأخذ مَا كَانَ مَعهَا جَمِيعه وَدفع وَلَدهَا
فَدخل جِبْرَائِيل إِلَى بَغْدَاد وَمَا مَعَه إِلَّا الْيَسِير النزر
وَقصد طَبِيبا كَانَ يعرف بترمرة فلازمه وَقَرَأَ عَلَيْهِ وَكَانَ من أطباء المقتدر وخواصه
وَقَرَأَ على يُوسُف الوَاسِطِيّ الطَّبِيب ولازم البيمارستان وَالْعلم والدرس
وَكَانَ يأوي إِلَى أخوال لَهُ يسكنون بدار الرّوم وَكَانُوا يسيئون عشرتهم عَلَيْهِ ويلومونه على تعرضه للْعلم والصناعة ويمجنون مَعَه وَيَقُولُونَ يُرِيد أَن يكون مثل جده بختيشوع وجبرائيل وَمَا يرضى أَن يكون مثل أَخْوَاله وَهُوَ لَا يلْتَفت إِلَى مثل أَقْوَالهم
وَاتفقَ أَن جَاءَ رَسُول من كرمان إِلَى معز الدولة وَحمل لَهُ الْحمار المخطط وَالرجل الَّذِي كَانَ طوله سَبْعَة أشبار وَالرجل الَّذِي كَانَ طوله شبرين وَاتفقَ أَنه نزل فِي قصر فرخ من الْجَانِب الشَّرْقِي قَرِيبا من الدّكان الَّذِي كَانَ يجلس عَلَيْهِ وَالِدي جِبْرَائِيل وَصَارَ ذَلِك الرَّسُول يجلس عِنْده كثيرا ويحادثه ويباسطه
فَلَمَّا كَانَ فِي بعض الْأَيَّام استدعاه وشاوره بالفصد فَأَشَارَ بِهِ وفصده وَتردد إِلَيْهِ يَوْمَيْنِ فأنفذ لَهُ على رسم الديلم الصينية الَّتِي كَانَت فِيهَا العصائب والطشت والإبريق وَجَمِيع الْآلَة
ثمَّ استدعاه وَقَالَ لَهُ ادخل إِلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْم وَانْظُر مَا يصلح لَهُم وَكَانَ مَعَ الرَّسُول جَارِيَة يهواها قد عرض لَهَا نزف الدَّم وَلَا بَقِي بِفَارِس وَلَا بكرمان وَلَا بالعراق طَبِيب مَذْكُور إِلَّا وعالجها وَلم ينجح فِيهَا العلاج فعندما رَآهَا رتب لَهَا تدبيرا وَعمل لَهَا معجونا وسقاها إِيَّاه فَمَا