الْهَادِي عَنهُ
ثمَّ عاوده الْأَمر بالبيعة فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قولي هَذَا قولي الأول
فزبره الْهَادِي وَقَالَ لَهُ اخْرُج إِلَى لعنة الله لَا بَايَعت وَلَا بَايع أَصْحَابك ألف سنة
ثمَّ أَمر بِإِخْرَاجِهِ من الدَّار بعيساباذا وَإِسْقَاط قيادته وَقَالَ أَطْلقُوهُ لينفد حَيْثُ أحب لَا صَحبه الله وَلَا كلأه
ثمَّ وجم مِقْدَار نصف سَاعَة لَا يَأْمر وَلَا ينْهَى ثمَّ رفع رَأسه وَقَالَ ليندون خادمه الْحق الْفَاجِر
فَقَالَ لَهُ الْحَقْهُ فأصنع بِهِ مَاذَا فَقَالَ ترده على أَمِير الْمُؤمنِينَ
قَالَ فَلحقه يندون فِيمَا بَين بَاب خُرَاسَان وَبَاب بردَان بِالْقربِ من الْموضع الْمَعْرُوف بِبَاب النقب وَهُوَ يُرِيد منزله على نهر الْمهْدي فَرده
فَلَمَّا دخل قَالَ لَهُ يَا حائك تبَايع أهل بَيت أَمِير الْمُؤمنِينَ فيهم عَم جده وَعم أَبِيه وعمومته وَإِخْوَته وَسَائِر لحْمَته وتبايع وُجُوه الْعَرَب والموالي والقواد وَتمسك أَنْت عَن الْبيعَة فَقَالَ هرثمة يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَمَا حَاجَتك إِلَى بيعَة الحائك بعد بيعَة من ذكرت من أَشْرَاف النَّاس أَلا إِن الْأَمر على مَا حكيت لَك أَنه لَا يخلع الْيَوْم أحد هرون وَيبقى فِي غَد لجَعْفَر
قَالَ الطيفوري فَالْتَفت الْهَادِي إِلَى من حضر مَجْلِسه فَقَالَ لَهُم شَاهَت الْوُجُوه صدق وَالله هرثمة وبر وغدرتم
وَأمر الْهَادِي عِنْد هَذَا الْكَلَام لهرثمة بِخَمْسِينَ ألف دِرْهَم وأقطعه الْموضع الَّذِي لحقه فِيهِ يندون فَسُمي ذَلِك الْموضع عَسْكَر هرثمة إِلَى هَذِه الْغَايَة
وَانْصَرف النَّاس كلهم فِي أَمر عَظِيم من أَمر ذِي قدر قد غمه مَا لقِيه بِهِ الْخَلِيفَة
وَمِمَّا يتوقعه من الْبلَاء إِن حدث بالهادي حَادث لمسارعتهم إِلَى خلع الرشيد وَمن بطانته لجَعْفَر قد كَانُوا أملوا خلَافَة صَاحبهمْ والغنى بِمَا قد قلد مِنْهَا فصاروا يتخوفون على نفس صَاحبهمْ التّلف
وعَلى أنفسهم أَن سلمُوا من الْقَتْل وَالْبَلَاء والفقر
وَدخل مُوسَى الْهَادِي على أمة الْعَزِيز فَقَالَت لَهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا أَحسب أحدا عاين وَلَا سمع بِمثل مَا عاينا وَسَمعنَا فَإنَّا أَصْبَحْنَا فِي غَايَة الأمل لهَذَا الْفَتى وأمسينا على غَايَة الْخَوْف عَلَيْهِ
فَقَالَ إِن الْأَمر لعلى مَا ذكرت وَأَزِيدك وَاحِدَة
قَالَت وَمَا هِيَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ أمرت برد هرثمة لأضرب عُنُقه
فَلَمَّا مثل بَين يَدي حيل بيني وَبَينه واضطررت إِلَى أَن وصلته وأقطعته وَأَنا على زِيَادَة وَرفع مرتبته والتنويه باسمه فَبَكَتْ أمة الْعَزِيز فَقَالَ لَهَا أَرْجُو أَن يَسُرك الله
فتوهمت وتوهم جَمِيع من يطِيف بهَا إِنَّه على اغتيال الرشيد بالسم فَلم يُمْهل وَلم تمض بِهِ لَيَال قَلَائِل حَتَّى توفّي الْهَادِي وَولي الْخلَافَة هرون الرشيد فوَاللَّه لقد أحسن غَايَة الْإِحْسَان فِي أَمر جَعْفَر وزاده نعما إِلَى نعمه وزوجه أم مُحَمَّد ابْنَته
قَالَ يُوسُف بن إِبْرَاهِيم وحَدثني أَبُو مُسلم عَن حميد الطَّائِي الْمَعْرُوف بالطوسي وَلم يكن حميد طوسيا وَكَانَت كورته فِي الدِّيوَان مرو وَكَذَلِكَ كورة طَاهِر مرو والطاهر ولي بوشنج ومُوسَى بن أبي الْعَبَّاس الشَّاشِي لم تكن كورته الشاش وكورته هراة وَمُحَمّد بن أبي الْفضل الطوسي كورته