فِي التشريح وَهُوَ يخاطبه بالتبجيل وَيَقُول لَهُ يَا ربن حنين وَتَفْسِيره ربن الْمعلم
فأعظمت مَا رَأَيْت وَتبين ذَلِك جِبْرَائِيل فِي فَقَالَ لي لَا تستكثرن مَا ترى من تبجيلي هَذَا الْفَتى فوَاللَّه لَئِن مد لَهُ فِي الْعُمر ليفضحن سرجس وسرجس هَذَا الَّذِي ذكره جِبْرَائِيل هُوَ الرَّأْس عَيْني وَهُوَ أول من نقل شَيْئا من عُلُوم الرّوم إِلَى اللِّسَان السرياني وليفضحن غَيره من المترجمين
وَخرج من عِنْده حنين وأقمت طَويلا ثمَّ خرجت فَوجدت حنينا بِبَابِهِ ينْتَظر خروجي فَسلم عَليّ وَقَالَ لي قد كنت سَأَلتك ستر خبري والآن فَأَنا أَسأَلك إِظْهَاره وَإِظْهَار مَا سَمِعت من أبي عِيسَى وَقَوله فِي
فَقلت لَهُ أَنا مسود وَجه يوحنا بِمَا سَمِعت من مدح أبي عِيسَى لَك فَأخْرج من كمه نُسْخَة مَا كَانَ دَفعه إِلَى جِبْرَائِيل وَقَالَ لي تَمام سَواد وَجه يوحنا يكون بدفعك إِلَيْهِ هَذِه النُّسْخَة وسترك عَنهُ علم من نقلهَا فَإِذا رَأَيْته قد اشْتَدَّ عجبه بهَا أعلمهُ أَنه إخراجي
فَفعلت ذَلِك من يومي وَقبل انتهائي إِلَى منزلي
فَلَمَّا قَرَأَ يوحنا تِلْكَ الْفُصُول وَهِي الَّتِي تسميها اليونانيون الفاعلات كثر تعجبه وَقَالَ أَتَرَى الْمَسِيح أوحى فِي دَهْرنَا هَذَا إِلَى أحد فَقلت لَهُ فِي جَوَاب قَوْله مَا أوحى فِي هَذَا الدَّهْر وَلَا فِي غَيره إِلَى أحد وَلَا كَانَ الْمَسِيح إِلَّا أحد من يُوحى إِلَيْهِ
فَقَالَ لي دَعْنِي من هَذَا القَوْل لَيْسَ هَذَا الْإِخْرَاج إِلَّا إِخْرَاج مؤيد بِروح الْقُدس
فَقلت لَهُ هَذَا إِخْرَاج حنين بن إِسْحَق الَّذِي طردته من مَنْزِلك وأمرته أَن يَشْتَرِي قلوسا
فَحلف بِأَن مَا قلت لَهُ محَال
ثمَّ صدق القَوْل بعد ذَلِك وَأفضل عَلَيْهِ إفضالا كثيرا وَأحسن إِلَيْهِ وَلم يزل مبجلا لَهُ حَتَّى فَارَقت الْعرَاق
فِي سنة خمس وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
هَذَا جملَة مَا ذكره يُوسُف بن إِبْرَاهِيم
أَقُول ثمَّ أَن حنينا لَازم يوحنا بن ماسويه مُنْذُ ذَلِك الْوَقْت وتتلمذ لَهُ واشتغل عَلَيْهِ بصناعة الطِّبّ وَنقل حنين لِابْنِ ماسويه كتبا كَثِيرَة وخصوصا من كتب جالينوس بَعْضهَا إِلَى اللُّغَة السريانية وَبَعضهَا إِلَى الْعَرَبيَّة وَكَانَ حنين أعلم أهل زَمَانه باللغة اليونانية والسريانية والفارسية والدراية فيهم مِمَّا لَا يعرفهُ غَيره من النقلَة الَّذين كَانُوا فِي زَمَانه مَعَ مَا دأب أَيْضا فِي إتقان الْعَرَبيَّة والاشتغال بهَا حَتَّى صَار من جملَة المتميزين فِيهَا
وَلما رأى الْمَأْمُون الْمَنَام الَّذِي أخبر بِهِ أَنه رأى فِي مَنَامه كَأَن شَيخا بهي الشكل جَالس على مِنْبَر وَهُوَ يخْطب وَيَقُول أَنا أرسطوطاليس انتبه من مَنَامه وَسَأَلَ عَن أرسطوطاليس فَقيل لَهُ رجل حَكِيم من اليونانيين
فأحضر حنين بن إِسْحَق إِذْ لم يجد من يضاهيه فِي نَقله وَسَأَلَهُ نقل كتب الْحُكَمَاء اليونانيين إِلَى اللُّغَة الْعَرَبيَّة وبذل لَهُ من الْأَمْوَال والعطايا شَيْئا كثيرا
ونقلت من خطّ الْحسن بن الْعَبَّاس الْمَعْرُوف بالصناديقي رَحمَه الله قَالَ قَالَ أَبُو سُلَيْمَان سَمِعت يحيى بن عدي يَقُول قَالَ الْمَأْمُون رَأَيْت فِيمَا يرى النَّائِم كَانَ رجلا على كرْسِي جَالِسا فِي الْمجْلس الَّذِي أَجْلِس فِيهِ فتعاظمته وتهيبته وَسَأَلت عَنهُ فَقيل هُوَ أرسطوطاليس فَقلت أسأله عَن شَيْء