للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَيخرج فيلتف بقطيفة وَقد أعد لَهُ هناب من فضَّة فِيهِ رَطْل شراب وكعكة مثرودة فيأكلها وَيشْرب الشَّرَاب ويطرح نَفسه حَتَّى يَسْتَوْفِي عرقه

وَرُبمَا نَام ثمَّ يقوم ويتبخر وَيقدم لَهُ طَعَامه وَهُوَ فروج كَبِير مسمن قد طبخ زيرباجه ورغيف فِيهِ مِائَتَا دِرْهَم فيحسو من المرق ثمَّ يَأْكُل الْفروج وَالْخبْز وينام

فَإِذا انتبه شرب أَرْبَعَة أَرْطَال شرابًا عتيقا وَلم يذقْ غير هَذَا طول عمره

فَإِذا اشْتهى الْفَاكِهَة الرّطبَة أكل التفاح الشَّامي وَالرُّمَّان والسفرجل

وَقَالَ أَحْمد بن الطّيب السَّرخسِيّ فِي كتاب اللَّهْو والملاهي قَالَ حنين المتطبب وافاني فِي بعض اللَّيَالِي أَيَّام المتَوَكل رسل من دَار الْخَلِيفَة يطلبوني وَيَقُولُونَ الْخَلِيفَة يُرِيدُكَ ثمَّ وافت بعدهمْ طَائِفَة ثمَّ وافاني زرافة فَأَخْرجنِي من فِرَاشِي وَمضى بِي ركضا حَتَّى أدخلني إِلَى الْخَلِيفَة

فَقَالَ يَا سَيِّدي هوذا حنين

قَالَ فَقَالَ ادفعوا إِلَى زرافة مَا ضمنا لَهُ

قَالَ فَدفع إِلَيْهِ ثَلَاثُونَ ألف دِرْهَم

ثمَّ أقبل عَليّ فَقَالَ أَنا جَائِع فَمَا ترى فِي الْعشَاء فَقلت لَهُ فِي ذَلِك قولا

فَلَمَّا فرغ من أكله سَأَلت عَن الْخَبَر

فَقيل لي أَن مغنيا غناهُ صَوتا فَسَأَلَهُ لمن هُوَ فَقَالَ لحنين بن بلوع الْعَبَّادِيّ

فَأمر زرافة بإحضار حنين بن بلوع الْعَبَّادِيّ فَقَالَ لَهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَا أعرفهُ

فَقَالَ لَا بُد مِنْهُ وَأَن أحضرته فلك ثَلَاثُونَ ألف دِرْهَم

قَالَ فأحضرني وَنسي المتَوَكل السَّبَب بِمَا كَانَ فِي رَأسه من النَّبِيذ وَحَضَرت وَقد جَاع فأشرت عَلَيْهِ بِأَن يقطع النَّبِيذ ويتعشى وينام فَفعل

أَقُول وَكَانَ مولد حنين فِي سنة مائَة وَأَرْبع وَتِسْعين لِلْهِجْرَةِ وَتُوفِّي فِي زمَان الْمُعْتَمد على الله وَذَلِكَ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء أول كانون الأول من سنة ألف وَمِائَة وثمان وَثَمَانِينَ للإسكندر وَهُوَ لست خلون من صفر سنة مِائَتَيْنِ وَأَرْبع وَسِتِّينَ لِلْهِجْرَةِ وَكَانَت مُدَّة حَيَاته سبعين سنة وَقيل إِنَّه مَاتَ بالذرب

وَقَالَ سُلَيْمَان بن حسان الْمَعْرُوف بِابْن جلجل أَن حنين بن إِسْحَق مَاتَ بالغم من ليلته فِي أَيَّام المتَوَكل

قَالَ حَدثنِي بذلك وَزِير أَمِير الْمُؤمنِينَ الحكم الْمُسْتَنْصر بِاللَّه قَالَ قَالَ كنت مَعَ أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمُسْتَنْصر فَجرى الحَدِيث فَقَالَ أتعلمون كَيفَ كَانَ موت حنين بن إِسْحَق قُلْنَا لَا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ

قَالَ خرج المتَوَكل على الله يَوْمًا وَبِه خمار فَقعدَ فِي مَقْعَده فَأَخَذته الشَّمْس وَكَانَ بَين يَدَيْهِ الطيفوري النَّصْرَانِي الطَّبِيب وحنين بن إِسْحَق

فَقَالَ لَهُ الطيفوري يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ الشَّمْس تضر بالخمار فَقَالَ المتَوَكل لحنين مَا عنْدك فِيمَا قَالَ فَقَالَ حنين يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَا تضر بالخمار

فَلَمَّا تناقضا بَين يَدَيْهِ طلب كشفهما عَن صِحَة أحد الْقَوْلَيْنِ

فَقَالَ حنين يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ الْخمار حَال للمخمور وَالشَّمْس لَا تضر بالخمار إِنَّمَا تضر المخمور

فَقَالَ المتَوَكل لقد أحرز من طبائع الْأَلْفَاظ وتحديد الْمعَانِي مَا فاق بِهِ نظراءه

فَوَجَمَ لَهَا الطيفوري فَلَمَّا كَانَ فِي غَد ذَلِك الْيَوْم أخرج حنين من كمه كتابا فِيهِ

<<  <   >  >>