الْإِسْلَام فهرب ثمَّ أسلم وَخَافَ من القاهر فَمضى إِلَى خُرَاسَان وَعَاد وَتُوفِّي بِبَغْدَاد مُسلما
وَكَانَت وَفَاته بعلة الذرب فِي اللَّيْلَة الَّتِي صبيحتها يَوْم الْجُمُعَة مستهل ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة
وَقَالَ ثَابت بن سِنَان فِي تَارِيخه أذكر وَقد وَقع الْوَزير عَليّ بن عِيسَى بن الْجراح إِلَى وَالِدي سِنَان بن ثَابت فِي أَيَّام تقلده الدَّوَاوِين من قبل المقتدر بِاللَّه وتدبير المملكة فِي أَيَّام وزارة حَامِد بن الْعَبَّاس فِي سنة كثرت فِيهَا الْأَمْرَاض جدا وَكَانَ وَالِدي إِذْ ذَاك يتقلد البيمارستانات بِبَغْدَاد وَغَيرهَا توقيعا يَقُول فِيهِ فَكرت مد الله فِي عمرك فِي أَمر من فِي الحبوس وَأَنه لَا يَخْلُو مَعَ كَثْرَة عَددهمْ وجفاء أماكنهم أَن تنالهم الْأَمْرَاض وهم معوقون عَن التَّصَرُّف فِي منافعهم ولقاء من يشاورونه من الْأَطِبَّاء فِيمَا يعرض لَهُم
فَيَنْبَغِي أَن تفرد لَهُم أطباء يدْخلُونَ إِلَيْهِم فِي كل يَوْم وَتحمل إِلَيْهِم الْأَدْوِيَة والأشربة
ويطوفون فِي سَائِر الحبوس ويعالجون فِيهَا المرضى ويزيحون عللهم فِيمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ من الْأَدْوِيَة والأشربة
ويتقدم بِأَن تُقَام لَهُم المزورات لمن يحْتَاج إِلَيْهَا مِنْهُم
فَفعل وَالِدي ذَلِك طول أَيَّامه
وَورد توقيع آخر إِلَيْهِ فِيهِ فَكرت فِي من فِي السوَاد من أَهله فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو أَن يكون فِيهِ مرضى لَا يشرف عَلَيْهِم متطبب لخلو السوَاد من الْأَطِبَّاء
فَتقدم مد الله فِي عمرك بإنفاذ متطببين وخزانة للأدوية والأشربة يطوفون فِي السوَاد ويقيمون فِي كل صقع مِنْهُ مُدَّة مَا تَدْعُو الْحَاجة إِلَيْهِ
ويعالجون من فِيهِ من المرضى ثمَّ ينتقلون إِلَى غَيره
فَفعل وَالِدي ذَلِك إِلَى أَن انْتهى أَصْحَابه إِلَى سورا وَالْغَالِب على أَهلهَا الْيَهُود
فَكتب إِلَى أبي الْحسن عَليّ بن عِيسَى يعرفهُ وُرُود كِتَابه من أَصْحَابه من السوَاد يذكرُونَ فِيهِ كَثْرَة المرضى وَأَن أَكثر من حول نهر الْملك يهود وَأَنَّهُمْ اسْتَأْذنُوا فِي الْمقَام عَلَيْهِم وعلاجهم وَأَنه لم يعلم مَا يُجِيبهُمْ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يعرف رَأْيه فيهم
وأعلمه أَن رسم البيمارستان أَن يعالج فِيهِ الملي وَالذِّمِّيّ
ويسأله أَن يرسم لَهُ فِي ذَلِك مَا يعْمل عَلَيْهِ
فَوَقع لَهُ توقيعا نسخته فهمت مَا كتبت بِهِ أكرمك الله وَلَيْسَ بَيْننَا خلاف فِي أَن معالجة أهل الذِّمَّة والبهائم صَوَاب
وَلَكِن الَّذِي يجب تَقْدِيمه وَالْعَمَل بِهِ معالجة النَّاس قبل الْبَهَائِم وَالْمُسْلِمين قبل أهل الذِّمَّة
فَإِذا أفضل عَن الْمُسلمين مَا لَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ صرف فِي الطَّبَقَة الَّتِي بعدهمْ
فاعمل أكرمك الله على ذَلِك واكتب إِلَى أَصْحَابك بِهِ
ووصهم بالتنقل فِي الْقرى والمواضع الَّتِي فِيهَا الأوباء الْكَثِيرَة والأمراض الفاشية
وَإِن لم يَجدوا بذرقة توقفوا عَن الْمسير حَتَّى تصلح لَهُم الطَّرِيق وَيصِح السَّبِيل فَإِنَّهُم إِذا فعلوا هَذَا غنوا عَن السُّور إِن شَاءَ الله تَعَالَى
قَالَ ثَابت بن سِنَان وَكَانَت النَّفَقَة عَن البيمارستان الَّذِي لبدر المعتضدي بالمحرم من ارْتِفَاع وقف سجَاح أم المتَوَكل على الله
وَكَانَ الْوَقْف فِي يَد أبي الصَّقْر وهب بن مُحَمَّد الكلوذاني
وَكَانَ قسط من ارْتِفَاع هَذَا الْوَقْف يصرف إِلَى بني هَاشم وقسط مِنْهُ إِلَى نَفَقَة البيمارستان
وَكَانَ أَبُو