من سنة خمس عشرَة وَخَمْسمِائة وَنَشَأ بِبَغْدَاد وَقَرَأَ الْأَدَب والطب وَسمع بهَا من أبي الْقَاسِم إِسْمَاعِيل ابْن أَحْمد بن السَّمرقَنْدِي ثمَّ صَار إِلَى الْموصل واستوطنها إِلَى حِين وَفَاته
وحَدثني عفيف الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن عدنان النَّحْوِيّ الْموصِلِي قَالَ كَانَ الشَّيْخ مهذب الدّين بن هُبل من بَغْدَاد وَأقَام بالموصل ثمَّ بخلاط عِنْد شاه أرمن صَاحب خلاط وَبَقِي عِنْده مُدَّة وَحصل من جِهَته من المَال الْعين مبلغا عَظِيما
وَقبل رحيله من خلاط بعث جملَة مَا لَهُ من المَال الْعين إِلَى الْموصل إِلَى مُجَاهِد الدّين قيماز الزيني وَدِيعَة عِنْده وَكَانَ ذَلِك نَحْو مائَة وَثَلَاثِينَ ألف دِينَار
ثمَّ أَقَامَ ابْن هُبل بماردين عِنْد بدر الدّين لُؤْلُؤ والنظام إِلَى أَن قَتلهمَا نَاصِر الدّين بن أرتق صَاحب ماردين
وَكَانَ بدر الدّين لُؤْلُؤ متزوجا بِأم نَاصِر الدّين وَعمي مهذب الدّين بن هُبل بِمَاء نزل فِي عَيْنَيْهِ عَن ضَرْبَة وَكَانَ عمره إِذْ ذَاك خمْسا وَسبعين سنة
ثمَّ توجه إِلَى الْموصل وحصلت لَهُ زمانة فَلَزِمَ منزله بسكة أبي نجيح
وَكَانَ يجلس على سَرِير ويقصده كل أحد من المشتغلين عَلَيْهِ بالطب وَغَيره
أَقُول وَكَانَ أَيْضا يسمع الحَدِيث وَمن ذَلِك حَدثنِي الْحَكِيم بدر الدّين أَبُو الْعِزّ يُوسُف بن أبي مُحَمَّد ابْن الْمَكِّيّ الدِّمَشْقِي الْمَعْرُوف بِابْن السنجاري قَالَ حَدثنَا مهذب الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن هُبل الْبَغْدَادِيّ الْمَعْرُوف بالخلاطي أخبرنَا الشَّيْخ الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم إِسْمَاعِيل بن أَحْمد بن عمر ابْن الْأَشْعَث السَّمرقَنْدِي أخبرنَا أَبُو مُحَمَّد عبد الْعَزِيز بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْكِنَانِي أخبرنَا أَبُو مُحَمَّد عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان بن أبي نصر وَأَبُو الْقَاسِم تَمام بن مُحَمَّد الرَّازِيّ وَالْقَاضِي مُحَمَّد بن أَحْمد بن هرون الغساني الْمَعْرُوف بِابْن الجندي وَأَبُو الْقَاسِم عبد الرَّحْمَن بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي الْعقب وَأَبُو بكر مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عبيد الله بن يحيى الْقطَّان قَالُوا أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم ابْن أبي الْعقب حَدثنَا أَبُو زرْعَة عبد الرَّحْمَن بن عمر بن عبد الله بن صَفْوَان الْبَصْرِيّ حَدثنَا عَليّ ابْن عَيَّاش حَدثنَا شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخَيل فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
وَكَانَ شيخ مهذب الدّين بن هُبل فِي صناعَة الطِّبّ أوحد الزَّمَان وَكَانَ بن هُبل فِي أول أمره قد اجْتمع بِعَبْد الله بن أَحْمد بن أَحْمد بن أَحْمد بن الخشاب النَّحْوِيّ وَقَرَأَ عَلَيْهِ شَيْئا من النَّحْو وَتردد أَيْضا إِلَى النظامية وَقَرَأَ الْفِقْه
ثمَّ اشْتهر بعد ذَلِك بصناعة الطِّبّ وفَاق بهَا أَكثر أهل زَمَانه من الْأَطِبَّاء وَتُوفِّي مهذب الدّين بن هُبل رَحمَه الله بالموصل لَيْلَة الْأَرْبَعَاء ثَالِث عشر محرم سنة عشر وسِتمِائَة وَدفن بظاهرها بِبَاب الميدان بمقبرة الْمعَافى بن عمرَان بِالْقربِ من الْقُرْطُبِيّ
وَمن شعر مهذب الدّين بن هُبل قَالَ
(أيا أَثلَاث بالعراق ألفتها ... عَلَيْك سَلام لَا يزَال يفوح)