وَقيل إِن الرَّازِيّ كَانَ فِي أول أمره صيرفيا
وَمِمَّا يُحَقّق ذَلِك أنني وجدت نُسْخَة من المنصوري قديمَة قد سقط آخرهَا وَاحْتَرَقَ أَكْثَرهَا من عتقهَا وَهِي مترجمة بذلك الْخط على هَذَا الْمِثَال كناش المنصوري تأليف مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا الرَّازِيّ الصَّيْرَفِي
وَأَخْبرنِي من هِيَ عِنْده أَنَّهَا خطّ الرَّازِيّ
وَكَانَ الرَّازِيّ معاصرا لإسحق بن حنين وَمن كَانَ مَعَه فِي ذَلِك الْوَقْت وَعمي فِي آخر عمره بِمَاء نزل فِي عَيْنَيْهِ فَقيل لَهُ لَو قدحت فَقَالَ لَا قد نظرت من الدُّنْيَا حَتَّى مللت
فَلم يسمح بِعَيْنيهِ للقدح
وَقَالَ أَبُو الْخَيْر الْحسن بن سوار بن بَابا وَكَانَ قريب الْعَهْد مِنْهُ إِن الرَّازِيّ توفّي فِي سنة نَيف وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ أَو ثلثمِائة وَكسر قَالَ وَالشَّكّ مني
ونقلت من خطّ بلمظفر بن معرف أَن الرَّازِيّ توفّي فِي سنة عشْرين وثلثمائة
وَقَالَ عبيد الله بن جبرئيل كَانَ أَبُو بكر مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا الرَّازِيّ لَهُ الْمنزلَة الجليلة بِالريِّ وَسَائِر بِلَاد الْجَبَل
قَالَ وعاش إِلَى أَن لحقه ابْن العميد أستاذ الصاحب بن عباد وَهُوَ كَانَ سَبَب إِظْهَار كِتَابه الْمَعْرُوف بالحاوي لِأَنَّهُ كَانَ حصل بِالريِّ بعد وَفَاته فَطَلَبه من أُخْت أبي بكر وبذل لَهَا دَنَانِير كَثِيرَة حَتَّى أظهرت لَهُ مسودات الْكتاب
فَجمع تلاميذه الْأَطِبَّاء الَّذين كَانُوا بِالريِّ حَتَّى رتبوا الْكتاب وَخرج على مَا هُوَ عَلَيْهِ من الِاضْطِرَاب
وَمن كَلَام أبي بكر مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا الرَّازِيّ قَالَ
الْحَقِيقَة فِي الطِّبّ غَايَة لَا تدْرك والعلاج بِمَا تنصه الْكتب دون أَعمال الماهر الْحَكِيم بِرَأْيهِ خطر
وَقَالَ الاستكثار من قِرَاءَة كتب الْحُكَمَاء والأشراف على أسرارهم نَافِع لكل حَكِيم عَظِيم الْخطر
وَقَالَ الْعُمر يقصر عَن الْوُقُوف على فعل كل نَبَات فِي الأَرْض فَعَلَيْك بِالْأَشْهرِ مِمَّا اجْمَعْ عَلَيْهِ ودع الشاذ وَاقْتصر على مَا جربت
وَقَالَ من لم يعن بالأمور الطبيعية والعلوم الفلسفية والقوانين المنطقية وَعدل إِلَى اللَّذَّات الدنيائية فاتهمه فِي علمه لَا سِيمَا فِي صناعَة الطِّبّ
وَقَالَ مَتى اجْتمع جالينوس وأرسطوطاليس على معنى فَذَلِك هُوَ الصَّوَاب وَمَتى اخْتلفَا صَعب على الْعُقُول إِدْرَاك صَوَابه جدا
وَقَالَ الْأَمْرَاض الحارة اقْتُل من الْبَارِدَة لسرعة حَرَكَة النَّار
وَقَالَ الناقهون من الْمَرَض إِذا اشتهوا من الطَّعَام مَا يضرهم فَيجب للطبيب أَن يحتال فِي تَدْبِير ذَلِك الطَّعَام وَصَرفه إِلَى كَيْفيَّة مُوَافقَة وَلَا يمنعهُم مَا يشتهون بتة
وَقَالَ يَنْبَغِي للطبيب أَن يُوهم الْمَرِيض أبدا الصِّحَّة ويرجيه بهَا وَإِن كَانَ غير واثق بذلك فمزاج الْجِسْم تَابع لأخلاق النَّفس