صلحتم لِأَن تقرأوا هَذَا الْكتاب وَأَمْثَاله عَليّ
وأشغلهم فِيهِ فتعجبوا من فعله رَحمَه الله
وَهَذَا يدل مِنْهُ على كَمَال عقله وتوفر مروءته
وحَدثني القَاضِي أَبُو مَرْوَان الْبَاجِيّ قَالَ كَانَ أَبُو زيد عبد الرَّحْمَن بن يوجان وَزِير الْمَنْصُور يعادي الْحَفِيد أَبَا بكر بن زهر ويحسده لما يرى من عظم حَاله وعلو مَنْزِلَته وَعلمه فاحتال عَلَيْهِ فِي سم صيره مَعَ أحد من كَانَ عِنْد الْحَفِيد بن زهر فقدمه إِلَى الْحَفِيد بن زهر فِي بيض وَكَانَت مَعَ الْحَفِيد أَيْضا بنت أُخْته وَكَانَت أُخْته وابنتها هَذِه عالمتين بصناعة الطِّبّ والمداواة وَلَهُمَا خبْرَة جَيِّدَة بِمَا يتَعَلَّق بمداواة النِّسَاء وكانتا تدخلان إِلَى نسَاء الْمَنْصُور وَلَا يقبل للمنصور وَأَهله ولدا إِلَّا أُخْت الْحَفِيد أَو بنتهَا لما توفيت أمهَا
فَلَمَّا أكل الْحَفِيد من ذَلِك الْبيض وَبنت أُخْته مَاتَا جَمِيعًا وَلم ينفع فيهمَا علاج
قَالَ وَلم يمت أَبُو زيد عبد الرَّحْمَن بن يوجان إِلَّا مقتولا قَتله مَعَ بعض أَقَاربه
أَقُول وَكَانَ من أجل تلامذة الْحَفِيد أبي بكر بن زهر فِي صناعَة الطِّبّ والآخذين عَنهُ أَبُو جَعْفَر ابْن الغزال
وَمن شعر الْحَفِيد أبي بكر بن زهر أَنْشدني محيي الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عَليّ بن عَليّ بن مُحَمَّد الْعَرَبِيّ الْحَاتِمِي قَالَ أَنْشدني الْحَفِيد أَبُو بكر بن زهر لنَفسِهِ يتشوق إِلَى وَلَده
(نأت عَنهُ دَاري فيا وحشتي ... لذاك الشخيص وَذَاكَ الْوَجِيه)
(تشوقني وتشوقته ... فيبكي عَليّ وأبكي عَلَيْهِ)
(وَقد تَعب الشوق مَا بَيْننَا ... فَمِنْهُ إِلَيّ ومني إِلَيْهِ) المتقارب
أَنْشدني القَاضِي أَبُو مَرْوَان الْبَاجِيّ قَالَ أَنْشدني أَبُو عمرَان بن عمرَان الزَّاهِد المرتلي القاطن بأشبيلية قَالَ أَنْشدني الْحَفِيد أَبُو بكر بن زهر لنَفسِهِ فِي آخر عمره
(إِنِّي نظرت إِلَى الْمرْآة إِذْ جليت ... فأنكرت مقلتاي كلما رأتا)
(رَأَيْت فِيهَا شييخا لست أعرفهُ ... وَكنت أعرف فِيهَا قبل ذَاك فَتى)
(فَقلت أَيْن الَّذِي مثواه كَانَ هُنَا ... مَتى ترحل عَن هَذَا الْمَكَان مَتى)
(فاستجهلتني وَقَالَت لي وَمَا نطقت ... قد كَانَ ذَلِك وَهَذَا بعد ذَاك أَتَى)
(هون عَلَيْك فَهَذَا لَا بَقَاء لَهُ ... أما ترى العشب يفنى بَعْدَمَا نبتا)
(كَانَ الغواني يقلن يَا أخي فقد ... صَار الغواني يقلن الْيَوْم يَا أبتا) الْبَسِيط
وأنشدني أَيْضا القَاضِي أَبُو مَرْوَان الْبَاجِيّ عَن الْحَفِيد بن زهر لَهُ من أَبْيَات
(أعد الحَدِيث عَليّ من جنباته ... أَن الحَدِيث عَن الحبيب حبيب) الْكَامِل