للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(فكم بالسجن وَيحك أَنْت زاه ... وَكم بالضيق الواهي تباهي)

(وتمنح من بِهِ يغريك ودا ... وتتهم الزواجر والنواهي)

(ألم تعلم بأنك كل يَوْم ... بِهِ تفجاك أَصْنَاف الدَّوَاهِي)

(تحل قواك جُزْءا بعد جُزْء ... وتفنى أَنْت وَالدُّنْيَا كَمَا هِيَ)

(وتحسبها صديقا وَهِي أردى ... عَدو بَين الشحناء داهي)

(همومك فِيهِ لَا تنفك تترى ... وعيشك فِيهِ عَيْش غير زاهي)

(أما يَكْفِيك زجر الشيب زجرا ... وَحسب أخي النَّهْي بالشيب ناهي)

(فعد عَنهُ إِلَى رحب فسيح ... مقامك فِيهِ لَيْسَ لَهُ تناهي)

(فحتام التغافل والتعامي ... وَكم هَذَا الجنوح إِلَى الملاهي)

(فَلَا تغتر أَن أَصبَحت فِيهِ ... أَخا مَال وَبت عريض جاه)

(فكم من أيد أضحى فأمسى ... بعيد ثرائه والأيد واهي)

(وَكَانَ يَقُول من سفه بِأَن لَا ... يصاب لَهُ شَبيه أَو مضاهي)

(فتب فَجَمِيع مَا تَأتيه يلفى ... صَغِيرا عندغفران الْإِلَه) الوافر

وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ

(أَقُول لنَفْسي حِين أبدت تشوقا ... إِلَى الْعَالم الْأَعْلَى رويدك يَا نَفسِي)

(محالا ترومين النجَاة وَأَنت فِي ... المهالك من جنس الطبيعة والحس)

(ودونك بَحر إِن تعديت لجه ... أمنت وفزت بالخلاص من الْحَبْس)

(فَإِن رمت وصلا نَحْو سنخك فاكشفي ... غطاءك وانضي مَا عَلَيْك من اللّبْس)

(وَلَا تقبلي نَحْو الكثيف فتحرمي ... مجاورة الْأَطْهَار فِي حَضْرَة الْقُدس)

(وَلَا تتركي مَا يَأْمر الله ضلة ... فتبقي سجيس الدَّهْر فِي الشَّك واللبس)

(وَلَا تهملي يَا نفس ذاتك وأكثري ... التفكر فِيهَا واهجري كل مَا ينسي)

(وَلَا تغفلي عَن ذكرك الأول الَّذِي ... بِهِ قَامَت الأفلاك وَالْعرش والكرسي)

(وصلت على كره إِلَى الهيكل الَّذِي ... بِهِ اعتضت بالذعر الطَّوِيل عَن الْإِنْس)

(وَمَا كَانَ هَذَا الْوَصْل إِلَّا لترجعي ... منزهة بِالْعلمِ عَن وصمة الوكس)

(فَعَن أُمَم يقْضِي أيابك فاعملي ... لأخراك مَا ينجيك من ظلمَة الرمس)

(فَإِن تتركي نهج الْهدى كنت فِي غَد ... كمن بَاعَ رَأس المَال بِالثّمن البخس)

(فعودي إِلَى باريك يَا نفس ترتقي ... إِلَيْهِ وَإِلَّا دمت فِي الْعَالم المنسي)

(حليفة هم دَائِم وكآبة ... مجاورة أهل الدناءة والرجس)

<<  <   >  >>