إنسان خلق من أب لا غير وهي حواء عليها السلام، ويذكر الاخباريون في مبدأ خلقها أن آدم عليه السلام نام في الجنة، ثم استيقظ فرأى حواء إلى جانبه فقال: يا رب ما هذه؟ قال: زوجك تسكن إليها خلقتها من ضلعك القصراء التي في جانبك الأيسر، ولهذا يوجد عدد أضلاع الجانب الأيمن في الرجل اثنا عشر وعدد أضلاع الجانب الأيسر أحد عشر، وقد خرج البخاري في صحيحه مصداق ما ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:) استوصوا بالنساء خيرا فإن المرأة خلقت من ضل وإن أعلى الضلع أعوج وإنك إن قومته كسرته، وإن تركته استمتع به على عوج فيه (.
الضرب الثالث: إنسان من أم لا غير وهو عيسى عليه السلام قال الله تعالى) إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب (. ذهب بعض المفسرين للكتاب العزيز أن الله تعالى لما خلق آدم، بقي من التراب الذي خلقه منه جزء، وقال آخرون لما تم خلقه عطس فسقط من أنفه تراب فلما أراد خلق عيسى عليه السلام بعث جبريل إلى مريم عليها السلام فنفخ ذلك التراب في فرجها، وهو جيب درعها أو ذيلها، فحملت بعيسى من ساعتها، وجاءها المخاض إلى جذع النخلة فوضعته عندها، وهذه السرعة في الحمل والوضع نتيجة قوله تعالى:) كن فيكون (، والمستقبل في موضع الحال، وقيل في مدة الحمل ثمانية أشهر ولا يمكن هذا الحمل لغيره لأنه لا يعيش ولد لثمانية، وقيل سبعة أشهر، وقيل ستة أشهر، وقيل ثلاث ساعات حملته في ساعة، وصور في ساعة، ووضعته في ساعة، وقال ابن عباس كانت مدة الحمل ساعة واحدة كما حملته نبذته، وقيل حملته وهي بنت ثلاث عشر سنة وقيل عشر سنين ويؤيد القول الأول قوله تعالى:) إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه (، والكلمة كن، وبهذه الكلمة صار التراب المتفرق الأجزاء جسدا ملتئما ذا عظم ولحم وعصب وعروق ودم، قابلا لنفخ الروح فيه، ومعنى وروح منه أي: من عنده.