والثالث: هي لا مالك ولا مملوك: وهذا النوع تدبره الطبيعة وهو مثل الكلأ، وهو سائر السباع والأنعام والسمك والطباشير والحشرات فتبين لنا من هذه القسمة أن الإنسان أكمل الحيوان لاشتراك النفس الناطقة التي هي العقل والطبيعة في تدبيره فأما الطبيعة فإنها قوة الباري تعالى وجل مدبرة لبدن الحي، وإنما قيل لها طبيعة لأنها تلزم شيئا واحدا، ولا تقوى على الشيء وضده، كما في الآلات الصناعية لأن المناشير لا تفعل فعل الفأس والفأس لا يفعل فعل القدوم، وقال بعضهم: هي قوة نفسية، ثم قال فإن قلت عقلية أو إلهية لم يبعده وهي التي تسري في أثناء هذا العالم محركة ومسكنة ومحددة، ومبلية، ومنشئة، وهي بالمواد أعلق، والمواد لها أعشق، وقال آخرون: الإنسان هو كالشيء المتقوم بتدبير الطبيعة للمادة المخصوصة بالصور البشرية، المؤيدة بنور العقل من قبل الإله، وهذا وصف يأتي على الشائع عن الأولين في حد الإنسان، إنه حي ناطق ميت أي حي من قبل الحس والحركة، ناطق من قبل الفكر والتمييز ميت من قبل السيلان والاستحالة، فمن حيث ما هو حي مشارك للحيوان، ومن حيث ما هو مشارك لما يتبدل ويتحلل، ومن حيث ما هو ناطق هو إنسان حصيف، ومن حيث ما يبلغ مشابهة الملائكة بقوة الاختيار البشري، والنور الإلهي هو ملك.