للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخوارج حتى يسير إليه بجمعه، فيتعاضدا على مجاهدة معاوية، فأجابه فرجعا إلى موضع أصحاب النخيلة، ومعاوية بالكوفة حيث دخلها مع الحسن بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، بعد أن بايعه الحسن والحسين عليهما السلام وقيس بن سعد بن عبادة.

ثم خرج الحسن يريد المدينة، فوجه إليه معاوية وقد تجاوز في طريقه يسأله أن يكون المتولي لمحاربتهم، فقال الحسن: والله لقد كففت عنك لحقن دماء المسلمين، ولا أحسب ذلك يسعني، أفأقاتل عنك قوماً أنت والله أولى بالقتال منهم! فلما رجع الجواب إليه جيشاً "أكثره أهل الكوفة"١ ثم قال لأبيه أبي حوثرة: قم فاكفني٢ أمر أبنك فصار إليه أبوه فدعاه إلى الرجوع, فأبى فأداره, فصمم، فقال له: يا بني أجيئك بابنك فلعلك تراه فتحن إليه? فقال: يا أبت، أنا والله إلى طعنة نافذة أتقلب فيها على كعوب الرمح أشوق مني إلى ابني! فرجع إلى معاوية فأخبره الخبر٣، فقال: يا أبا حوثرة، عتا٤ هذا جداً!.

فلما نظر حوثرة إلى أهل الكوفة قال: يا أعداء الله، أنتم بالأمس تقاتلون معاوية لتهدوا سلطانه، واليوم تقاتلون مع معاوية لتشدوا سلطانه!.

فخرج إليه أبوه فدعاه إلى البراز، فقال: يا أبت، لك في عيري مندوحة، ولي في غيرك عنك مذهب، ثم حمل على القوم وهو يقول:

أكرر على هذي الجموع حوثره ... فعن قليل ما تنال المغفرة

فحمل عليه رجل من طيئ٥ فقتله، فرأى أثر السجود قد لوح جبهته، فندم على قتله، ثم انهزم القوم جميعاً.

وأنا أحسب أن قول القائل:

وأجرأ من رأيت بظهر عيب ... على عيب الرجال ذوو العيوب


١ ر: جيشا أكثرهم من أهل الكوفة.
٢ ر: "اكفني امر ابنك".
٣ ساقطة من ر.
٤ عتا: استكبر.
٥ نقل المرصفي عن ابن الأثير أنه عبد الله بن عوف قائد ذلك الجيش.

<<  <  ج: ص:  >  >>