للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لإسحاق بن خلفٍ يصف رجلاً بالقصر وطول اللّحية

وقال إسحاق بن خلف يصف رجلاً بالقصر وطول اللّحية:

ماسرّني أنّني في طول داود ... وأنّني علمٌ في البأس والجود

ماشيت داود فاستضحكت من عجب ... كأنني والدٌ يمشي بمولود

ما طول داود إلاّ طول لحيته ... يظل داود فيها غير موجود

تكنّة خصلةٌ منها إذا نفخت ... ريح الشّتاء وجفّ الماء في العود

كالأنبجاني مصقولاً عوارضها١ ... سوداء في لين الغادة الرّود٢

أجرى وأغنى من الخزّ الصّفيق ومن ... بيض القطائف٣ يوم القرّ والسّود٤

إن هبّت الرّيح أدّته إلى عدنٍ ... إن كان مالفّ منها غير معقود

وفي الحديث: "من سعادة المرء خفّة عارضيه" وليس هذا بناقض لما جاء في إعفاء اللّحي وإحفاء الشّوارب، فقد روى أنهم قالوا: لا بأس بأخذ العارضين والتّبطين٥، وأما الإعفاء فهو التّكثير، وهو من الأضداد، قال الله عز وجل: {حَتَّى عَفَوْا} ٦، أي حتى كثروا، ويقال: عفا وبر الناقة إذا كثر، قال الشاعر:

ولكنّا نعضّ السّيف منها ... بأسؤق عافيات اللّحم كوم

والكوم: العظام الأسنمة، واحتها كوماء، ويقال: عفا الرّيع، إذا درس، ومن ذلك:

على آثار من ذهب العفاء

أي الدّروس.

وقال مسلمة بن عبد الملك: إني لأعجب من ثلاثة: من رجل قصّر شعره ثم عاد فأطاله، أو شمّر ثوبه ثم عاد فأسبله، أو تمنع بالسّراريّ ثم عاد إلى المهيرات.


١ الأنبجانى: كساء من الصوف، منسوب إلى منبج على غير قياس.
٢ الرود: الحسنة الشابة.
٣ القطائف: حمع قطيفة، وهي كساء مربع غليظ له خمل ووبر.
٤ زيادات ر: "القر" بالقاف، يريد البرد، ويروى بالغين، يريد السحائب البيض.
٥ التبطين: أخذ الشعر من تحت الذقن والحنك.
٦ سورة الأعراف ٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>