وحدثت أنّ عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وجّه عبد الله بن عبد الأعلى ومعه رجلٌ من عنس إلى إليون، فقال العنسيّ: فخلا بي عمر دونه، وقال لي:
احفظ كلّ ما يكون منه، فلما صرنا إليه صرنا إلى رجل عربيّ اللسان، وغنما نشأ بمرعش١، فذهب عبد الله ليتكلّم، فقلت: على رسلك، فحمدت الله وصليت على نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم قلت: إنّي وجّهت بالذي وجّه بع هذا، إنّ أمير المؤمنين يدعوك إلى الإسلام، فإن تقبله تصب رشدك، وإني لأحسب أنّ الكتاب قد سبق عليك بالشّقاء، إلاّ أن يشاء الله غير ذلك، فإن قبلت وإلاّ فاكتب جواب كتابنا. قال: ثم تكلّم عبد الله، فحمد الله وصلى على نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذهب في القول وكان مفوّهاً فقال له إليون: يا عبد الله! ما تقول في المسيح? فقال: روح الله وكلمته، فقال: أيكون ولدٌ من غير فحلٍ! فقال عبد الله: في هذا نظرٌ! فقال: أي نظرٍ في هذا?إما نعم وإما لا! فقال عبد الله: آدم خلقه الله من تراب، إنّ هذا اخرج من رحم، قال: في هذا نظر! قال إليون بالروميّة: إنّي أعلم انك لست على ديني ولا على دين الذي أرسلك قال: وأنا أفهم بالرّومية ثم قال: أتعطون يوماً غير يوم الجمعة? فقال: نعم، فقال: وما ذلك اليوم، أمن أعيادكم هو? فقال: لا، قال: فلم تعظمونه? قال: عيدٌ لقوم كانوا صالحين قبل أن يصير إليكم، قال: فقال له إليون بالرومية: قد علمت أنّك لست على ديني ولا على دين الذي أرسلك، فقال له عبد الله: أتدري ما يقول أهل السّفه? قال: وما يقولون? قال: إبليس: أمرت ألا أسجد إلا لله، ثم قيل لي: اسجد لآدم، قال: فقال له بالرومية: الأمر فيك أبين من ذلك، قال: ثن كتب جواب كتبنا، قال: فرجعنا إلى عمر بها، قال: فخبّرناه بما أردنا ثم نهضنا، فردّني إليه من باب الدار فخلا بي، فأخبرته، فقال: لعنه الله! لقد كانت نفسي تأباه، ولم أحسبه يجترئ على مثل هذا، قال: فلما خرجت قال لي عبد الله: ما الذي قال لك? قال: قلت، قال لي: أتطمع فيه? قلت: لا.