وحدثت أن معاوية قال لعمرو: امضِ بنا إلى هذا الذي قد تشاغل باللهو وسعى في هدم مروءته، حتى ننعى عليه، أي نعيب عليه فعله - يريد عبد الله بن جعفر بن أبي طالبٍ - فدخلا إليه، وعنده سائبُ خاثر، وهو يلقي على جوارٍ لعبدِ الله، فأمر عبد الله بتنحية الجواري لدخول معاوية، وثبت سائبُ مكانه، وتنحىعبد الله عن سريره لمعاوية، فرفع معاويةُ عمراً فأجلسه إلى جانبه، ثم قال لعبد الله: أعد ما كنت فيه، فأمر بالكراسي فالقيت، وأخرج الجواري، فتغنى سائبٌ بقول قيس بن الخطيم:
ديارُ التي كادت ونحن على منى ... تحل بنا لولا نجاء الركائبِ
ومثلك قد اصبتُ ليست بكنةٍ ... ولا جارةٍ ولا حليلة صائب١
وردده الجواري عليه، فحرك معاويةُ يديه وتحرك في مجلسه، ثم مد رجليه، فجعل يضرب بهما وجه السرير. فقال له عمروٌ: اتئد يا أمير المؤمنين، فإن الذي جئت لتلحاه أحسن منك حالاً وأقل حركة. فقال معاوية: اسكت لا أبا لك! فإن كل كريمٍ طروبٌ.