للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مقتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه]

ثم نرجع إلى ذكر الخوارج. قال أبو العباس: فلما قتل علي بن أبي طالب أهل النهروان، وكان بالكوفة زهاء ألفين من الخوارج؛ ممن لم يخرج مع عبد الله بن وهب، وقوم ممن استأمن إلى أبي أيوب الأنصاري، فتجمعوا وأمروا عليهم رجلاً من طيئ، فوجه إليهم علي رجلاً، وهم بالنخيلة، فدعاهم ورفق بهم، فأبوا، فعاودهم فأبوا، فقتلوا جميعاً، فخرجت طائفة منهم نحو مكة، ووجه١ معاوية من يقيم للناس حجهم، فناوشه هؤلاء الخوارج، فبلغ ذلك معاوية ووجه معاوية بسر بن أرطأة، أحد بن عامر بن لؤي، فتوافقوا وتراضوا بعد الحرب بأن يصلي بالناس رجل من بني شيبة، لئلا يفوت الناس الحج، فلما انقضى نظرت الخوارج في أمرها، فقالوا: إن علياً ومعاوية قد أفسدا أمر هذه الأمة، فلو قتلناهما لعاد الأمر إلى حقه! وقال رجل من أشجع: والله ما عمرو دونهما، وإنه لأصل هذا الفساد، فقال عبد الرحمن بن ملجم: أنا أقتل علياً، فقالوا: وكيف لك به? قال: أغتاله. فقال الحجاج بن عبد الله الصريمي - وهو البرك: وأنا أقتل معاوية، وقال زاذويه مولى بني العنبر بن عمرو بن تميم: وأنا أقتل عمراً. فأجمع رأيهم على أن يكون قتلهم في ليلة واحدة، فجعلوا تلك الليلة ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان، فخرج كل واحد منهم إلى ناحية، فأتى ابن ملجم الكوفة، فأخفى فسه وتزوج امرأة يقال لها قطام بنت علقمة من تيم الرباب، وكانت ترى رأي الخوارج - والأحاديث تختلف وإنما يؤثر صحيحها - ويروى في بعض الحديث٢ أنها قالت: لا أقتنع منك إلا بصداق أسميه لك، وهو ثلاثة آلاف درهم، وعبد وأمة، وأن تقتل علياً. فقال لها: لك ما سألت، وكيف٣ لي به? قالت تروم ذلك غيلة، فإن سلمت أرحت الناس من شر، وأقمت مع أهلك، وإن أصبت خرجت٤ إلى الجنة ونعيم لا يزول، فأنعم لها٥، وفي ذلك يقول٦:

ثلاثة آلاف وعبد وقينة ... وضرب علي بالحسام المصمم٧


١ ر: "فوجه".
٢ ر: "الأحاديث".
٣ ر: "فكيف".
٤ ر: "سرت".
٥ أي قال لها نعم.
٦ قال المرصفي: بل قائله ابن أبي مياس المرادي.
٧ قبله:
ولم أر مهرا ساقه ذو سماحة ... كمهر قطام من فصيح وأعجم

<<  <  ج: ص:  >  >>