للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هرب العديل من الحجاج]

وكان العديل بن الفرخ العجليّ هارباً من الحجاج، فجعل لا يحلّ ببلدة إلاّ ريع لأثر يراه من آثار الحجّاج فيهرب، حتى أبعد، ففي ذلك يقول العديل:

يخشوننى الحجاج حتى كأنما ... يحرك عظم في الفؤاد مهيض١

ودون يد الحجاج من أن تنالنى ... بساط لأيدى اليعملات عريض٢

فلم ينشب أن أتى به الحجاج، ففى ذلك يقول العديل:

فلو كنت في سلمى أجا وشعابها ... لكان لحجّاجٍ عليّ دليل

بنى قبّة الإسلام حتّى كأنّما ... أتى الناس من بعد الضّلال رسول

أجأ وسلمى: جبلاً طيّىء، و"أجأ" مهموز، وغنما هو "أجا" مقصورٌ، فاعلم، قال زيد الخيل:

جلبنا الخيل من أجإ وسلمى ... تخب نزائعا خبب الذّئاب٣

والشاعر إذا احتاج إلى قلب الهمزة قلبها، إن كانت الهمزة مكسورة جعلها ياء، او ساكنةً جعلها على حركة ما قبلها، وإن كانت مفتوحة وقبلها فتحةٌ جعلها ألفاً، وإن كان مفتوحة وقبلها كسرةُ جعلها ياء، وإن كانت مفتوحة وقبلها ضمةُ جعلها واواً، قال الفرزدق:

راحت بمسلمة البغال عشية ... فارعي فزارة لا هناك المرتع

وقال حسّان بن ثابت:

سالت هذيلٌ رسول الله فاحشةً ... ضلّت هذيلٌ بما سالت ولم تصب!

وقال عبد الرحمن بن حسّان:

وكنت أذلّ من وتدٍ بقاعٍ ... يشجج رأسه بالفهر واجي


١ يخشونني: يخوفونني.
٢ البساط: الأرض العريضة.
٣ نزائع: واحدتها نزيعة، وهي التي تشتاق إلى أوطانها.

<<  <  ج: ص:  >  >>