للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[في نقد الشعر]

وحدثت أن الكميت بن زيدٍ أنشد نصيباً فاستمع له، فكان فيما أنشده:

وقد رأينا بها حوراً منعمة ... بيضاً تكامل فيها الدلُّ والشنبُ١

فثنى نصيب خنصره، فقال له الكميت: ما تصنع? فقال: أحصي خطأك، تباعدت في قولك: "تكمل فيها الدل والشنب".

هلا قلت كما قال ذو الرمة:

لمياء في شفتيها حوة لعسٌ ... وفي اللثاث وفي أنيابها شنبُ

ثم أنشده في أخرى:

كأن الغطامط من جريها ... أراجيز أسلم تهجو غفارا ٢

فقال له: نصيب: ما هجت أسلم غفاراً قط، فاستحيا الكميت فسكت.

قال أبو العباس: والذي عابه نصيب من قوله: "تكامل فيها الدل والشنب".

قبيح جداً، وذلك أن الكلام لم يجر على نظم، ولا وقع إلى جانب الكلمة ما يشاكلها، وأول ما يحتاج إليه القول أن ينظم على نسق، وأن يوضع على رسم المشكلة.

وخبرت أن عمر بن لجإٍ قال لابن عم له: أنا أشعر منك، قال له، وكيف? قال: لأني أقول البيت وأخاه، وانت تقول البيت وابن عمه.


١ الشنب: عذوبة الأسنان ورقتها.
٢ الغطامط: اضطراب موج البحر، وفي زيادات ر: "وقعت الرواية" "من جريها"، وصوابه: "من غلبها"؛ لأنه يصف قدراً فيه لحم، فشبه غليان القدر وارتفاع اللحم فيه بالموج الذي يرتفع".

<<  <  ج: ص:  >  >>