للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب من أخبار الخوارج]

[في بيعتهم لعبد الله بن وهب الراسبي]

قال أبو العباس: ذكر أهل العلم من الصفرية أن الخوارج١ لما عزموا على البيعة لعبد الله بن وهب الراسبي من الأزد، تكره ذلك، فأبوا من سواه، ولم يريدوا غيره. فلما رأى ذلك منهم قال: يا قوم، استبيتوا الرأي، أي دعوه يغب٢.

وكان يقول: نعوذ بالله من الرأي الدبري.

قوله: استبينوا الرأي يقول: دعوا رأيكم تأتي عليه ليلة ثم تعقبوه، يقال: بيت فلان كذا كذا، إذا فعله ليلاً، وفي القرآن: {إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} ٣، أي أداروا ذلك بينهم ليلاً، وأنشد أبو عبيدة:

أتوني فلم أرض ما بيتوا ... وكانوا أتوني بأمر نكر

لأنكح أيمهم منذراً ... وهل ينكح العبد حر لحر!

والرأي الدبري: الذي يعرض٤ بعد وقوع الشيء، كما قال جرير٥:

ولا يعرفون الشر حتى يصيبهم ... ولا يعرفون الأمر إلا تدبرا

وكان عبد الله بن وهب ذا رأي وفهم، ولسان وشجاعة، وإنما لجأوا إليه وخلعوا معدان الإيادي، لقول معدان:


١ من خرج على الإمام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه يسمى خارجيا. سواء كان الخروج في أيام الصحابة على الأئمة الراشدين, أم كان بعدهم علي التابعين بإحسان, والأئمة في كل زمان. والصفرية: طائفة من الخوارج, تابعوا زياد بن الأصفر, ويقال لهم: الزيادية أيضا. الملل والنحل للشهرستاني ١٢٣:١
٢ يغب: أي يبيت.
٣ سورة النساء ١٠٨.
ر: "ليلا بينهم".
٤ ر: "من بعد".
٥ في هجاء الفرزدق وقومه من بني مجاشع.

<<  <  ج: ص:  >  >>