للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفتوى فيمن أصاب صيداً وهو محرم

والشيء يذكر بالشيء. وجاء في الحديث أن رجلاً أعرابياً١ أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: إني أصبت ظبياً وأنا محرم، فالتفت عمر إلى عبد الرحمن بن عوف، فقال: قل، فقال عبد الرحمن: يهدي شاة، فقال عمر: أهد شاة. فقال الأعرابي: والله ما درى أمير المؤمنين ما فيها حتى استفتى غيره! فخفقه عمر رضوان الله عليه بالدرة، وقال: أتقتل في الحرم وتغمص الفتيا! إن الله عز وجل قال: {حْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} ٢، فأنا عمر بن الخطاب، وهذا عبد الرحمن بن عوف.

وفي هذا الحديث ضروب من الفقه؛ منها ما ذكروا أن عبد الرحمن بن عوف قال أولاً، ليكون قول الإمام حكماً قاطعاً ومنها أنه رأى أن الشاة مثل الظبية، كما قال الله عز وجل: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} . وأنه لم يسأله: أخطأ قتلته٣ أم عمداً? وجعل الأمرين واحداً. ومنها أنه لم يسأله: أقتلت صيداً قبله وأنت محرم? لأن قوماً يقولون: إذا أصاب ثانية لم يحكم عليه، ولكنا نقول له٤: اذهب فاتق الله، لقول الله تبارك وتعالى: {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} ٥.


١ نقل المرصفي عن ابن الأثير أنه قبيصة بن هانئ أحد التابعين.
٢ سورة المائدة ٩٥.
٣ ر: "قتله". وما أثبته عن الأصل.
٤ كلمة "له" ساقطة من ر.
٥ سورة المائدة ٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>