وحدثني عبد الصمد بن المعذل قال: سمعتُ إسحاق بن إبراهيم الموصلي يتحدث قال: حججت من أمير المؤمنين الرشيد، فلما قفلنا فنزلنا المدينة آخيت بها رجلاً كان له سنٌّ ومعرفةٌ وأدبٌ، فكان يمتعني، فني ذات ليلةٍ في منزلي إذا أنا بصوته يستأذن عليَّ، فظننت أمراً قد فدحه ففزع فيه إلي، فأسرعت نحو الباب، فقلتُ: ما جاء بك? فقال: إذن أخبركَ: دعاني صديقٌ لي إلى طعام عتيدٍ١، وشرابٍ قد التقى طرفاهُ، وشواءٍ رشراشٍ، وحديثٍ ممتعٍ، وغناءٍ مطربٍ؛ فأجبته، وأقمتُ معه إلى هذا الوقت، فأخذت مني حمياً الكأسِ مأخذها، ثم غنيتُ بقول نصيبٍ:
بزينب ألمم قبل أن يرحل الركبُ ... وقل إن تملينا فما ملكِ القلبُ
فكدت أطير طرباً، ثم وجدتُ في الطرب نقصاً إذ لم يكن معي من يفهم ذا كما فهمته، ففزعت إليك لأصف لك هذه الحال، ثم أرجع إلى صاحبي، وضرب نعليه مولياً عني! فقلت: قف أكلمك، فقال: ما بي إلى الوقوف إليك من حاجةٍ.